للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَكن عَبْد اللَّه بن عباس اعترض علَيه في هذا المقام (١)، فسأله مُعَاوية: لماذا؟ قال: أليس اللَّه تعالى يقول: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: ٢١]، قال: بلَى. قال: ورسول اللَّه لَمْ يستلم إلا الركنين، قال: صدقت؛ لأن معاوية علل وقال: ليس من البيت شيء مهجور (٢)، وعلل العلماء عدم استلام الركنين الباقيين (الشمالي والغربي)، فقالوا: السبب في ذلك أنهما خارجان من البيت؛ لأن قريشًا لمَّا أعادت بناء الكعبة، نقصت النفقة، وقد أخذوا على أنفسهم ألا ينفقَ على بناء البيت إلا من مالٍ حلالٍ، أما أيُّ مالٍ فيه شكٌّ أو فيه ريبةٌ، فاجتنبوه، فنقصت بهم النفقة، فَتَركوا تلكم المساحة الموجودة في الجهة الشمالية، وَهُوَ الذي يُسمِّية الناس بحجر إسماعيل، وهذه التَّسمية لا أَصْلَ لهَا؛ لأنَّ هذا وُجِدَ بعد إسماعيل.

* قوله: (ثُمَّ يَجْعَلَ البَيْتَ عَلَى يَسَارِهِ).

يجعل البيتَ عن يده اليسرى، ثم يبدأ من هذا المكان حتى ينتهي إليه في كل مرة.

* قوله: (وَيَمْضِي عَلَى يَمِينِهِ، فَيَطُوفَ سَبْعَةَ أَشْوَاطٍ، يَرْمُلُ فِي الثَّلاثَةِ الأَشْوَاطِ الأُوَلِ) (٣).


= رأى معاوية يطوف بالبيت، واستلم الأركان كلها، وقال: "إنه ليس منه شيءٌ مهجورٌ".
(١) أخرجه البخاري (١٦٠٨)، عن أبي الشعثاء أنه قال: "ومَنْ يتقي شيئًا من البيت؟ "، وكان معاوية يستلم الأركان، فقال له ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-: إنَّه لا يُسْتلَم هذان الركنان، فقال: "ليس شي: من البيت مهجورًا"، وكان ابن الزبير -رضي اللَّه عنهما- يستلمهن كلهن.
(٢) أخرجه البيهقي في "معرفة السنن" (٧/ ٢٠٩)، عن مُحمَّد بن كعب القرظي أن ابن عباس كان "يمسح على الركن اليماني والحجر الأسود"، وكان ابن الزبير يمسح الأركان كلها، ويقول: "لا ينبغي لبيت اللَّه إن يكون شيء منه مهجورًا"، وكان ابن عباس يقول: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: ٢١].
(٣) يُنظر: "الإقناع" لابن القطان (١/ ٢٧٢)، حيث قال: "والواجب أن يطوف سبعًا، ولا أعلم في ذلك يرمل في ثلاثة، ويسعى في أربعة".

<<  <  ج: ص:  >  >>