للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالرَّمل (١) هُوَ أَنْ تمشي مسرعًا مقاربًا خُطَاك، ليس هو الجري كما يظن بعض الناس، ولا أن تمدد رجليك، لا، تمشي تقارب بين الخطى ومسرعًا، يعني: تحث نفسك، والرَّمَلُ له سببٌ؛ لأن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عندما قدم هو وأصحابه مكة، قال المشركون: يَقْدم عليكم أقوامٌ من أهل يثرب وَهَنتهم حمى يثرب (٢)، وكانت تشتهر بالحمى، والرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- قَدْ دعا لهذه المدينة بالبركة، بأن يبارك اللَّه في مُدِّها وصاعها، وأن ينقل حماها إلى الجحفة فانتقل (٣).

* قوله: (ثُمَّ يَمْشِيَ فِي الأَرْبَعَةِ، وَذَلِكَ فِي طَوَافِ القُدُومِ عَلَى مَكَّةَ).

يَعْني: أنَّه يرمل في الأشواط الثلاثة الأُول، وإن قدر أنه نسي شوطًا، فلا ينتقل إلى الرابع، أو نسي شوطين فلا ينقلهما إلى ما بعدهما، فأي شوطٍ نسيه أو لم يفعله، فلا يَنْقله إلى غيره؛ لأنَّ الرَّمَل إنما هو خاصٌّ بالأشواط الثلاثة الأُول، فلَا ينتقل إلى غيره، وَذَلك في طواف القدوم على مكَّة.

* قوله: (وَذَلِكَ لِلْحَاجِّ وَالمُعْتَمِرِ دُونَ المُتَمَتِّعِ) (٤).


(١) قال الجوهري: الرمل، بالتحريك: الهرولةُ. ينظر: "الصحاح" (٤/ ١٧١٣).
(٢) أخرجه مسلم (١٢٦٦)، عن ابن عباس، قال: قدم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابه مكة، وقد وهنتهم حمى يثرب، قال المشركون: إنه يقدم عليكم غدًا قوم قد وهنتهم الحمى، ولقوا منها شدة، فجلسوا مما يلي الحجر، وأمرهم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يرملوا ثلاثة أشواط، ويمشوا ما بين الركنين؛ ليرى المشركون جَلَدهم، فقال المشركون: هؤلاء الذين زعمتم أن الحمى قد وهنتهم، هؤلاء أجلد من كذا وكذا. قال ابن عباس: "ولم يمنعه أن يأمرهم أن يرملوا الأشواط كلها إلا الإبقاء عليهم".
(٣) أخرجه البخاري (٦٣٧٢)، ومسلم (١٣٧٦)، واللفظ له، عن عائشة قالت: قدمنا المدينة وهي وَبيئة، فاشتكى أبو بكر، واشتكى بلال، فلما رأى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- شكوى أصحابه، قال: "اللهم حبِّب إلينا المدينة كما حببت مكة أو أشد، وصَحِّحها، وبارك لنا في صاعها ومُدِّها، وحول حماها إلى الجحفة".
(٤) يُنظر: "الإقناع" لابن القطان (١/ ٢٧٣)، حيث قال: "وأجمعوا أنه لا رمل على مَنْ =

<<  <  ج: ص:  >  >>