للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"إِنَّمَا أَنْتَ حَجَرٌ، وَلَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ قَبَّلَكَ مَا قَبَّلْتُكَ، ثُمَّ قَبَّلَهُ").

فهَذا عُمَر بن الخطاب الذي عاش شطرًا من حياته في الجاهلية، وكان كغيره قَدْ وقع فيما وقِع فيه المشركون، وقصةُ إسلامِهِ معروفةٌ، وبعد إسلامه تغيَّر حالُهُ، فبعد أنْ كان عابدًا لصنمٍ، مطيعًا لغير اللَّه، راكعًا ساجدًا للأصنام والأوثان، أصبح عابدًا لربه، مخلصًا له حتى صار القرآن ينزل موافقًا لرأيه أحيانًا (١)، يقف عند الحجر الأسود، ويَقُول: "واللَّه، إنِّي لأَعْلَم أنَّك حَجز لا تنفع ولا تضرُّ، ولولا أنِّي رأيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يُقبِّلك ما قبَّلتك".

* قوله: (وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ مِنْ سُنَّةِ الطَّوَافِ: رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الطَّوَافِ) (٢).

فبعد أن ينتهي المسلم من طوافه، يذهب إلى المكان المُعدِّ للصلاة بعد الطواف، والذي أشار اللَّه إليه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، بقوله: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: ١٢٥]، وهذا المكان قد اختُلِفَ فيه، هل هو مقام إبراهيم أو أن مقام إبراهيم كان بجوار البيت ثم أُخِّر لوجود الزحام أو غير ذلك (٣)؟ مهما يكن من أمرٍ، فهذا المكان يُصلَّى فيه، ولو لم يستطع


(١) أخرجه البخاري (٤٠٢)، عن أنس بن مَالِكٍ، قال: قال عُمَر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه-، "وافقت ربي في ثلاثٍ، فقلت: يا رسول اللَّه، لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى، فنزلت: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: ١٢٥]، وآية الحجاب، قلت: يا رسول اللَّه، لو أمرت نساءك أن يحتجبن، فإنه يُكلِّمهن البَر والفاجر، فنزلت آية الحجاب، واجتمع نساء النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في الغيرة عليه، فقلت لهن: {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ}، فنزلت هذه الآية".
(٢) يُنظر: "الإقناع" لابن القطان (١/ ٢٧١)، حيث قال: "ولا خلاف أن الركعتين لا تكونان إلا بعد السبعة الأشواط".
(٣) يُنظر: "فتح الباري" لابن حجر (٨/ ١٦٩)، حيث قال: "كان المقام من عهد إبراهيم لزق البيت إلى أن أَخَّره عمر -رضي اللَّه عنه- إلى المكان الذي هو فيه الآن، أخرجه عبد الرزاق =

<<  <  ج: ص:  >  >>