للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [المائدة: ٦].

* قوله: (وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ، وَقَدْ يَحْتَجُّونَ أَيْضًا بِمَا رُوِيَ أَنَّهُ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَالَ: "الطَّوَافُ بِالبَيْتِ صَلَاةٌ إِلَّا أَنَّ اللَّهَ أَحَلَّ فِيهِ النُّطْقَ، فَلَا يُنْطَقُ إِلَّا بِخَيْرٍ") (١).

المؤلِّف لَمْ يعرض المسألة كما ينبغي، فالذين قالوا: إنه لا يصح أن يطوف بغير طهارةٍ؛ سواء كانت هذه الطهارة من حدث أصغر أو أكبر، أو غير ذَلكَ، ولا بُدَّ أن يَكُونَ الطائفُ متطهرًا، استدلُّوا بحديث عائشة: "فَافْعَلي ما يَفْعل الحائض" (٢)، وبالحديث الآخر: "اصْنَعي ما يصنع الحاج" (٣)، وبحديث: "الطَّواف بالبيت صلاة إلا أن اللَّه أباح الكلام فيه" (٤).

أمَّا الذين أجازوا ذلك، وهو أبو حنيفة، وهو رأيٌ لبعض المحققين من العلماء (٥)، يَقُولون: نَحْن عندما نُوَازن بين الطَّواف بالبيت، وبين الصلاة، نجد فرقًا كبيرًا شاسعًا، فالطواف يُتكلَّم فيه، ويشرب الإنسان فيه، ويأكل، وليس فيه ركوعٌ ولا سجودٌ ولا قيامٌ؛ لأنه يجوز للإنسان أن يطوف وهو راكعٌ، ويجوز للإنسان أن يطوف في حالة عجزه وهو محمولٌ،


(١) تقدَّم.
(٢) تقدَّم.
(٣) تقدَّم.
(٤) تقدَّم.
(٥) يُنظر: "مجموع الفتاوى" لابن تيمية (٢٦/ ١٢٣)، حيث قال: "لكن في وجوب الطهارة في الطواف نزاع بين العلماء، فإنه لم ينقل أحدٌ عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه أمر بالطهارة للطواف، ولَا نَهَى المحدث أن يطوف، ولكنه طاف طاهرًا، لكنه ثبت عنه أنه نهى الحائض عن الطواف. وقَدْ قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم"، فالصلاة التي أوجب لها الطهارة ما كان يفتتح بالتكبير، ويختم بالتسليم؛ كالصلاة التي فيها ركوع وسجود؛ كصلاة الجنازة، وسجدتي السهو، وأما الطواف وسجود التلاوة، فليسا من هذا".

<<  <  ج: ص:  >  >>