للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رواه الشافعي (١)، وأحمد (٢)، والحاكم وصححه (٣)، وقلنا: هو صحيح بتتبع طرقه (٤).

* قوله: (وَأَيْضًا، فَإِنَّ الأَصْلَ أَنَّ أَفْعَالَهُ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- فِي هَذِهِ العِبَادَةِ مَحْمُولَةٌ عَلَى الوُجُوبِ إِلَّا مَا أَخْرَجَهُ الدَّلِيلُ مِنْ سَمَاعٍ أَوْ إِجْمَاعٍ أَوْ قِيَاسٍ عِنْدَ أَصْحَابِ القِيَاسِ).

وأَفْعَالُهُ -صلى اللَّه عليه وسلم- محمولةٌ على الوجوب؛ لأنها أيدت بالقول، والرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "خذوا"، وهذا أمرٌ، والأمر يقتضي الوجوب، وطالما لم يدلَّ دليلٌ آخر على عدم وجوبه، فينبغي أن يبقى واجبًا.

* قوله: (وَعُمْدَةُ مَنْ لَمْ يُوجِبْهُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة: ١٥٨]).

فلَا حَرَج عليه، لكن هذه الآية لها مناسبةٌ، وهي أن بعضَ المسلمين تحرَّج من السعي بين الصفا والمروة؛ لأنه كَانَ يوجد بهما صَنَمان، واحد على الصفا، وآخر على المروة، فكانوا يتذكرون هذين الصنمين، فوجدوا في ذلك حرجًا، فأنزل اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة: ١٥٨]؛ أي: ألا


(١) يُنظر: "الأم" للشافعي (٢/ ٢٣١)، حيث قال: "أخبرنا عبد اللَّه بن المؤمل العابدي، عن عمر بن عبد الرحمن بن محيصن، عن عطاء بن أبي رباح، عن صفية بنت شيبة قالت: أخبرتني بنت أبي تجراة إحدى نساء بني عبد الدار قالت: "دخلت مع نسوة من قريش دار ابن أبي الحسين ننظر إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو يسعى بين الصفا والمروة، فرأيته يسعى وإنَّ مئزره لَيَدور من شدة السعي حتى إني لأقول: إني لا أرى ركبتيه، وسمعته يقول: "اسعوا؛ فإن اللَّه كَتَب عليكم السعي".
(٢) تقدَّم.
(٣) أخرجه الحاكم في "المستتدرك" (٤/ ٧٩).
(٤) تقدَّم.

<<  <  ج: ص:  >  >>