للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يطوف بهما؛ ولذلك نَجد أنَّ اللَّهَ قال: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ}، إذًا، هُمَا شَعيرَتان من شعائر اللَّه، وإذا كانتا كذلك، فَهُما نسكٌ من المَنَاسك، وعبادةٌ من العبَادَات، فيَنْبغي أن نُحَافظَ عليها، وقَدْ جَاء عملُ رَسُول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بيانًا لذَلكَ، وما ورَد عن عائشة -رضي اللَّه عنها-، وما جاء عن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنَّ اللَّهَ كتبَ عَليكم السَّعي، فَاسْعُوا" (١).

* قوله: (قَالُوا: إِنَّ مَعْنَاهُ {أَلَّا يَطُوفَ}، وَهِيَ قِرَاءَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَكَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ: {يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا} [النساء: ١٧٦]، مَعْنَاهُ أَيْ: لِئَلَّا تَضِلُّوا).

فاللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- يقول: {يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا}؛ أي: يُبيِّن لنا؛ لئلَّا نضل، يُبيِّن اللَّه لنا طريقَ السعادة وطريقَ النجاة، إذًا هناك لام التعليل محذوفة أي: مقدرة (لئلا تضلوا).

* قوله: (وَضَعَّفُوا حَدِيثَ ابْنِ المُؤَمِّلِ (٢). وَقَالَتْ عَائِشَةُ: الآيَةُ عَلَى ظَاهِرِهَا، وَإِنَّمَا نَزَلَتْ فِي الأَنْصَارِ).

وهذا الكتاب لا يستوعب الأدلَّة، وقَدْ أشرنا إلى شيءٍ منها.

* قوله: (تَحَرَّجُوا أَنْ يَسْعَوْا بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ عَلَى مَا كَانُوا يَسْعَوْنَ عَلَيْهِ فِي الجَاهِلِيَّةِ) (٣).

فَكَانوا يعرفون أن هذا المكان تُقَام فيه الأصنام، فوجدوا حرجًا في أن يطوفوا فيه، فَبيَّن اللَّهُ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- لهم بأنَّ ذلك وقت قد ولَّى وأدبر، وأنه قد جاء الحقُّ، وزهق الباطل، وأن الباطل كان زهوقًا، واللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- قد مسح الجاهلية، وأزَال معالمها وأبطلها، وأقام مَقَامها هذه الشريعة الإسلامية الخالدة الباقية التي لا تفنى لكثرة ما ينفق منها، ولا تبلى بتعدُّد ما يُؤْخذ


(١) تقدَّم.
(٢) تقدم، وينظر: "نصب الراية" للزيلعي (٣/ ٥٤ - ٥٧).
(٣) تقدَّم.

<<  <  ج: ص:  >  >>