للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

منها، شريعة اللَّه الخالدة المستقيمة التي قد حَوَتْ جميع ما يحتاج إليه الناس في هذه الحياة الدُّنيا، وما يوصلهم إلى جَنَّةٍ عَرْضها السماوات والأرض، لمَنْ سلك طريق هذه الشريعة، واستجاب لقول اللَّه تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٢٤)} [الأنفال: ٢٤].

* قوله: (لِأَنَّهُ كَانَ مَوْضِعَ ذَبَائِحِ المُشْرِكِينَ. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَسْعَوْنَ بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ تَعْظِيمًا لِبَعْضِ الأَصْنَامِ، فَسَأَلُوا عَنْ ذَلِكَ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ مُبِيحَةً لَهُمْ، وإِنَّمَا صَارَ الجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهَا مِنْ أَفْعَالِ الحَجِّ؛ لِأَنَّهَا صِفَةُ فِعْلِهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، تَوَاتَرَتْ بِذَلِكَ الآثَارُ، أَعْنِي: وَصْلَ السَّعْيِ بِالطَّوَافِ (١). القَوْلُ فِي صِفَتِهِ، وَأَمَّا صِفَتُهُ فَإِنَّ جُمْهُورَ العُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ مِنْ سُنَّةِ السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ أَنْ يَنْحَدِرَ الرَّاقِي عَلَى الصَّفَا بَعْدَ الفَرَاغِ مِنَ الدُّعَاءِ).

والإنسان عندما يصعد على حجرٍ، ثم ينزل فيمشي، فإذا جاء إلى المكان الذي كان واديًا، أسرع فيه، ثم يمشي، ثم يصعد على المروة، فَيَقول كما قال على الصفا، وهو ما أشرنا إليه، ثم ينزل ماشيًا، فإذا ما جاء إلى ذلك المكان الذي بين العَلَمين أسرع، وإنما يفعل هذه الأفعال تعبُّدًا للَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- بها (٢)، ونحن مأمورون بأن نستجيب لأوامر اللَّه، وأن نستجيب أيضًا لأوامر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأن نَتَجنَّب ما جاء النهي عنه في كتاب اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ-، وفي سُنَّة رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأدلُّ دليلٍ على هذا ما جاء عن عمر -رضي اللَّه عنه- عندما وقف عند الحجر الأسود، وكيف كَانَ حال عمر في الجاهلية، وعمر بن الخطاب في الإسلام الرجل العظيم الذي إذا سلك طريقًا، سلكَ الشيطانُ طريقًا آخر غير طريقه، كان عمر -رضي اللَّه عنه- يقول للحجر:


(١) كما في حديث جابر، أخرجه مسلم (١٢١٨).
(٢) تقدَّم.

<<  <  ج: ص:  >  >>