للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (٦٠)} [غافر: ٦٠]، ولنتحين المواضع التي يُسْتجاب فيها الدعاء، عند السجود مثلًا، فأَقْرَب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد (١)، وعندما يبقى ثلث الليل الآخر، فإن اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- ينزل كل لَيْلةٍ نزولًا يليق بجلالِهِ وعظمتِهِ، فيقول: هل من سَائِلٍ فأُعْطيه؟ هل من مُسْتَغْفرٍ فأغفر له؟ هل من تَائِبٍ فأتوب عليه؟ (٢)، يَقُول اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-: {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} [البقرة: ١٣٨].

وقال: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (١٣٣) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (١٣٤) وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا} [آل عمران: ١٣٣ - ١٣٥]، والإنسان قَدْ تحصل منه خطايا، وقَدْ تحصل منه ذنوبٌ، وقد يَقْترف أمورًا في جنب اللَّه؛ ولذلك قَدْ فتح لنا أبواب التوبة: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور: ٣١]، والرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: "لَوْ لَمْ تُذْنبوا، لَذَهب اللَّه بكُمْ، وَلَجاء بقومٍ يُذْنبون ثمَّ يَسْتغفرون، فيغفر اللَّه لهم" (٣)، لكن ليس معنى ذلك أننا نُوَاصل الذُّنوبَ، فَالإنسَانُ لا يضمن نفسه، قد يذنب فيتوب، فيتوب اللَّه عليه، فربما يعود إلى ذنبه، فتأتيه المنية فلا يجد فرصةً.

* قوله: (يَصْنَعُ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَيَدْعُو وَيَصْنَعُ عَلَى المَرْوَةِ مِثْلَ ذَلِكَ) (٤).


(١) أخرجه مسلم (٤٨٢)، عن أبي هريرة أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء".
(٢) أخرجه البخاري (٧٤٩٤)، ومسلم (٧٥٨)، عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-: أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "ينزل ربنا -تبارك وتعالى- كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر يقول: مَنْ يدعوني فأستجيب له، مَنْ يسألني فأعطيه، مَنْ يستغفرني فأغفر له".
(٣) أخرجه مسلم (٢٧٤٩)، عن أبي هُرَيرة، قال: قال رَسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "والذي نفسي بيده، لو لم تُذْنبوا لَذَهب اللَّه بكم، ولجاء بقوم يذنبون، فيستغفرون اللَّه، فيغفر لهم".
(٤) تقدَّم.

<<  <  ج: ص:  >  >>