للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقال: إن نمرة يجد الإنسانُ فيها راحةً في بقائه بها، إذًا الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- فَعَل ذلك، لكن هل هذا نسك أو غير نسك؟

العُلَماءُ مُخْتلفون فيه، والظاهرُ أنَّ هذا نسكٌ؛ لأنَّ الرَّسول -صلى اللَّه عليه وسلم- أقَام بها هذه الفترة، وليس شرطًا أن يبقى بها الإنسان، فلو بقي في عرفة، كفاه ذلك ولا حاجة، لكن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- ضُربَت له القبة؛ أي: الخيمة، وأقام فيها، وأقام المسلمون، فلما زالت الشمس رَكبَ ناقته القصواء، وذهب إلى عرفات.

* قوله: (الوُقُوفُ بِعَرَفَةَ: وَالقَوْلُ فِي هَذَا الفِعْلِ يَنْحَصِرُ فِي مَعْرِفَةِ حُكْمِهِ. . .).

وَالحجُّ إنَّما يبدأ فعلًا من عرفات؛ أي: أفعال الحج، لكن سبق ذلك نيَّة الدخول في النُّسُك، وهذه النية إنما هي ركنٌ في الحج، وَهي كذلك ركنٌ في العمرة، وليس معنى هذا أنَّ لبس الإحرام إنما هو الدخول في النسك (١)؛ لأنَّ الدخولَ في النُّسُك هو أن تلبس الإزار والرداء، وأن تنوي بقلبك أيْ: تَقْصد الحج أو العمرة، وأن تتلفَّظ بذلك استحبابًا، فتقول: لبيك حجًّا، لكن أفعال الحاج وأعماله إنما تبدأ بالوقوف بعرفة.

والوقوفُ بعرفة ركنٌ من أركان الحج، ومتى فاته الإنسان يكون قد فاته الحج، فلا يمكن تعويضه، ولا يمكن الرجوع إليه بعد وقته، فوقتُهُ محددٌ بالإجماع من وقت زَوَال شمس اليوم التاسع إلى طلوع فجر ليلة يوم النحر، وَهناك مِنَ العلماء مَنْ يرى أن الوقتَ يطلع من بعد طلوع الفجر (٢)، لَكن المُجْمع عليه هو من وَقْت الزوال إلى وقت طلوع الفجر


= رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ولا تشك قريش إلا أنه واقف عند المشعر الحرام، كما كانت قريش تصنع في الجاهلية، فأجاز رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حتى أتى عرفة، فوجد القبة قد ضُربَت له بنمرة، فنزل بها، حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء، فرحلت له. . . ".
(١) تقدَّم.
(٢) سيأتي بيانه.

<<  <  ج: ص:  >  >>