للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأن الحكمةَ من ذلك أن هذه الخطبة إنما هي دروسٌ ومواعظُ، وفيها رسمٌ للطَّريق السوي الذي ينبغي أَنْ يسيرَ عليه الحجاج في أدَاء مَنَاسكهم.

* قوله: (وَكَذَلِكَ أَجْمَعُوا أَنَّ القِرَاءَةَ فِي هَذِهِ الصَّلَاةِ سِرًّا (١)، وَأَنَّهَا مَقْصُورَةٌ إِذَا كَانَ الإِمَامُ مُسَافِرًا (٢)، وَاخْتَلَفُوا إِذَا كَانَ الإِمَامُ مَكِّيًّا، هَلْ يَقْصُرُ بِمِنًى الصَّلَاةَ يَوْمَ التَّرْوِبَةِ، وَبِعَرَفَةَ يَوْمَ عَرَفَةَ، وَبِالمُزْدَلِفَةِ لَيْلَةَ النَّحْرِ إِنْ كَانَ مِنْ أَحَدِ هَذِهِ المَوَاضِعِ؟ فَقَالَ مَالِكٌ (٣)، وَالأَوْزَاعِيُّ، وَجَمَاعَةٌ (٤): سُنَّةُ هَذِهِ المَوَاضِعِ التَّقْصِيرُ سَوَاءً أَكَانَ مِنْ أَهْلِهَا أَوْ لَمْ يَكُنْ. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَدَاوُدُ: لَا يَجُوزُ أَنْ يَقْصُرَ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ المَوَاضِعِ) (٥).


(١) تقدَّم.
(٢) تقدَّم.
(٣) يُنظر: "الشرح الكبير" للدردير (٢/ ٤٤)، حيث قال: " (وجمع) الحاج العشاءين استنانًا (وقصر) العشاء (إلا أهلها)؛ أي: المزدلفة، فيُتمُّون (كمنى وعرفة)؛ أي: أَهْلهما يتمُّون، ويقصر غيرهم للسُّنَّة".
(٤) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البَر (٤/ ٣٣٦)، حيث قال: "قال أبو عمر: وبما ذهب إليه مالكٌ في هذا الباب، قال الأوزاعي: ومن حجتهم أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابه لم يُصلُّوا في تلك المساجد كلها إلا ركعتين، وسائر الأمراء لا يصلون هناك إلا ركعتين، فعلم أن ذلك سنة الموضع؛ لأن من الأمراء مكيًّا وغير مكيٍّ وأن عبد اللَّه بن عمر كان إذا جاوز بمكة، أتم، فإذا خرج إلى منى قصر، وبه قال القاسم وسالم وإسحاق بن راهويه".
(٥) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٤/ ٣٣٦)، حيث قال: "قال أبو حنيفة، والثوري، وأصحابهما، وأبو ثور، وأحمد، وإسحاق، وداود، والطبري: مَنْ كان من أهل مكة، صلى بمنى وعرفة أربعًا، لا يجوز له غير ذلك، وحجتهم أن مَنْ كان مقيمًا، لا يجوز له أن يصلي ركعتين، وكذلك مَنْ لم يكن سفره سفرًا تقصر في مثله الصلاة، فحكمُهُ حكمُ المقيم".
ولمذهب الحنفية، يُنظر: "حاشية ابن عابدين" (٢/ ٥٠٥)، حيث قال: "وأطلق =

<<  <  ج: ص:  >  >>