للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نعلم: أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- توقف بعد خروجه مفيضًا إلى المزدلفة، وأنه -صلى اللَّه عليه وسلم- عندما انصرف من عرفات كانت الشمس قد غربت (١).

ونعلم أيضًا: أن دخول وقت المغرب إنما يبدأ بعد غروب الشمس (٢)؛ فإذا غربت الشمس فهذه هي بداية صلاة المغرب.

ومع ذلك نرى أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- سار بسكينة، وكان يحض الناس على ذلك؛ فيقول: "أيها الناس، عليكم السكينة! " (٣).

فهذا هو قول رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- والذي هو أسوتنا وقدوتنا، والذي يجب أن تكون أعمالنا على وقق منهجه -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ امتثالًا لأمر اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-؛ حيث قال: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ} [الأحزاب: ٢١].

ثم وصل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى المزدلفة، والمزدلفة (٤): تُسمَّى أيضًا بالمشعر الحرام، وهي المقر الثاني، أو المشعر الثاني من أعمال الحج؛ فالحاج يبدأ بعرفات، ثم بعد ذلك يحث رحله إلى المزدلفة أو المشعر


(١) قال أبو عمر: "أجمع العلماء أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- دفع من عرفة في حجته بعدما غربت الشمس يوم عرفة أخَّر صلاة المغرب ذلك الوقت فلم يصلها حتى أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء، جمع بينهما بعدما غاب الشفق". انظر: "الاستذكار"، لابن عبد البر (١٣/ ١٥٠).
(٢) أخرجه البخاري (٥٦٠)، ومسلم (١٤٠٤)، من حديث جابر بن عبد اللَّه، قال: "كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الظهر بالهاجرة، والعصر والشمس حية، والمغرب إذا وجبت. . . ".
(٣) أخرجه البخاري (١٦٧١)، عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-: أنه دفع مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يوم عرفة، فسمع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وراءه زجرًا شديدًا، وضربًا وصوتًا للإبل، فأشار بسوطه إليهم، وقال: "أيها الناس، عليكم بالسكينة؟ فإن البر ليس بالإيضاع".
(٤) المزدلفة: هي جمع، تُسمَّى بهما جميعًا، وهي علم على البقعة لا يدخلها ألف ولام إلا لمحًا للصفة في الأصل كدخولها في الحسن، وسُمِّيت مزدلفة لازدلاف الناس فيها إلى عرفة بعد الإقامة، والازدلاف الاقتراب. انظر: "تفسير غريب ما في الصحيحين"، للحميدي (ص ٣٨٥)، "تهذيب اللغة"، للأزهري (١/ ٢٦٧)، "المصباح المنير"، للفيومي (١/ ٢٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>