للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم بعد ذلك بات رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (١)، وليس ذلك المبيت شرطًا؛ فلو قضى إنسان ليلته في ذكر اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- وفيما ينفع؛ فإنه بذلك لم يقع في مخالفة.

لكن الأولى -والحاج في عبادة تلو عبادة- ينبغي أن يجلس وينام؛ حتى يقوى على القيام مبكرًا؛ ليصلي صلاة الفجر في أول وقتها في ذلك الموضع من المزدلفة كما هو المشروع.

وقد اختلف العلماء في المفاضلة بين صلاة الفجر لغلس -يعني: لظلمة-، أو يسفر بها؟ (٢).

ولا شك أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- صلى صلاة الفجر في عموم الأحوال بغلس (٣)؛


(١) أخرجه مسلم (٢٩٢٢)، عن جابر قال: "حتى أتى المزدلفة، فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين، ولم يسبح بينهما شيئًا، ثم اضطجع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حتى طلع الفجر. . . ".
(٢) لمذهب الأحناف، يُنظر: "البحر الرائق"، لابن نجيم (١/ ٢٦٠)، قال: "قوله: وندب تأخير الفجر). . . أطلقه فشمل الابتداء والانتهاء، فيستحب البداءة بالإسفار والختم به. . . وقالوا: يسفر بها بحيث لو ظهر فساد صلاته يمكنه أن يعيدها في الوقت بقراءة مستحبة. وقيل: يؤخرها جدًّا؛ لأن الفساد موهوم فلا يترك المستحب لأجله، وهو ظاهر إطلاق الكتاب، لكن لا يؤخرها بحيث يقع الشك في طلوع الشمس. . . ولا يخفى أن الحاج بمزدلفة لا يؤخرها. . . ".
لمذهب المالكية، يُنظر: "الشرح الصغير"، للدردير (١/ ١٢٧)، قال: " (وأفضل الوقت أوله مطلقًا، إلا الظهر لجماعة فلربع القامة، ويزاد لشدة الحر لنصفها)؛ أي: إن أفضل الوقت مطلقًا لظهر أو غيرها -لفذ أو جماعة- أوله".
لمذهب الشافعية، يُنظر: "منهاج الطالبين"، للنووي (٢١)، قال: "ويسن تعجيل الصلاة لأول الوقت".
لمذهب الحنابلة، يُنظر: "شرح منتهى الإرادات"، للبهوتي، (١/ ١٤٣ - ١٤٤)، قال: ". . . (وتعجيلها)؛ أي: الفجر (مطلقًا)؛ أي: صيفًا وشتاء (أفضل)؛ قال ابن عبد البر: صح عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأبي بكر، وعمر، وعثمان -رضي اللَّه عنهم-: أنهم كانوا يغسلون بالفجر، ومحال أن يتركوا الأفضل وهم النهاية في إتيان الفضائل".
(٣) الغَلَسُ: ظَلامُ آخر اللَّيل. انظر: "العين"، للخليل (٤/ ٣٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>