للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويشرع أيضًا كذلك الوقوف عند المشعر الحرام؛ وذلك لأن اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- قال في الآية الكريمة: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة: ١٩٨].

فقوله تعالى: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ} يعني: إثمًا.

وقد مر بنا -في تفسير الجناح-: أنه كان من المسلمين من تحرج من الطواف بين الصفا والمروة، يوم أن كان يوجد بها صنم؛ فأنزل اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة: ١٥٨].

فقوله تعالى: {أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} يعني: ألا يطوف بهما (١).

وبخصوص قوله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- هنا: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ}: فقد فهم البعض منه (٢): أنه لا تقام أسواق، ولا تحصل هناك تجارة، ولا نحو ذلك؛ فبين اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- أن هذا الموسم وإن كان القصد منه العبادة، لكن ليس هناك ما يمنع من البيع والشراء وتبادل هذه الأمور؟ فأنزل -عَزَّ وَجَلَّ- هذه الآية: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ}.

وقد قال اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- عن صلاة الجمعة: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (١٠)} [الجمعة: ١٠].


(١) نَفَت عائشة -رضي اللَّه عنها- هذا التفسير، أخرج البخاريُّ (١٦٤٣): قال عروة: سألت عائشة -رضي اللَّه عنها- فقلت لها: أرأيت قول اللَّه تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة: ١٥٨]، فواللَّه ما على أحد جناح أن لا يطوف بالصفا والمروة، قالت: بئس ما قلت يا ابن أختي، إن هذه لو كانت كما أولتها عليه، كانت: لا جناح عليه أن لا يتطوف بهما، ولكنها أنزلت في الأنصار. . . ".
(٢) أخرج البخاري (١٧٧٠) عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-: "كان ذو المجاز، وعكاظ، متجر الناس في الجاهلية، فلما جاء الإسلام، كأنهم كرهوا ذلك، حتى نزلت: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} في مواسم الحج".

<<  <  ج: ص:  >  >>