للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المُضَرِّسٍ وَهُوَ حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ: "مَنْ أَدْرَكَ مَعَنَا هَذِهِ الصَّلَاةَ"؛ يَعْنِي: صَلَاةَ الصُّبْحِ بِجَمْعٍ، "وَكَانَ قَدْ أَتَى قَبْلَ ذَلِكَ عَرَفَاتٍ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا، فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ، وَقَضَى تَفَثَهُ (١) " (٢)).

سبق أن قلنا: إنه ليس قصد المؤلف -رَحِمَهُ اللَّهُ- بقوله: "وهو حديث متفق على صحته" أن الحديث في "الصحيحين"؛ لكن مراده أن العلماء اتفقوا على أنه حديث صحيح، وهذا يكفي.

* قوله: (وقَوْله تَعَالَى: {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ} [البقرة: ١٩٨]).

سبق أن بيَّنا أن الحاج يظل طول حجه في ذكر للَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، فالمسلم منذ أن يلبس الإحرام -الإزار والرداء- وهو في ذكر اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-؛ في تهليل، وفي تسبيح، وفي تكبير، وفي قراءة للقرآن، وفي دعاء؛ فلا ينبغي للمسلم: أن ينفك عن ذلك؛ لأن الدعاء هو العبادة؛ كما جاء في الحديث (٣)، فلو أخلص العبد فيه؛ فإنه بذلك ينال أجرًا عظيمًا.

* قوله: (وَمِنْ حُجَّةِ الفَرِيقِ الأَوَّلِ: أَنَّ المُسْلِمِينَ قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى تَرْكِ الأَخْذِ بِجَمِيعِ مَا فِي هَذَا الحَدِيثِ).

الزعم بأن المسلمين قد أجمعوا على ترك الأخذ بجميع ما في هذا الحديث - أمر غير مسلَّم؛ وذلك من وجهين:

الوجه الأول: هذا الحديث اشتمل على الوقوف بعرفة، وهو أمر


(١) التفث في المناسك: ما كان من نحو قص الأظفار والشارب وحلق الرأس والعانة، ورمي الجمار، ونحر البدن وأشباه ذلك. انظر: "الصحاح"، للجوهري (١/ ٢٧٤).
(٢) أخرجه أبو داود (١٩٥٠)، وصحح إسناده الألباني في "صحيح أبي داود" (١٧٠٤).
(٣) أخرجه أبو داود (١٤٧٩) عن النعمان بن بشير، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "الدعاء هو العبادة {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: ٦٠] ". وقال الألباني: "إسناده صحيح" في "صحيح أبي داود" (١٣٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>