للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عند المكيفات، ويرتاح بمكة، أو الطائف، أو في قرية من القرى، ثم يأتي بعد ذلك لرمي الجمرات!

نقول: القضية ليست مجرد نسك يؤدى فقط؛ بل القضية عبادة ينبغي أن تؤدى كما أداها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أيضًا؛ ولذلك نرى أن من العلماء مَن قال: من أهل مكة؛ حتى يلحقهم ما يلحق المسافر من المشقة، ومن الشعث.

ولذلك قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن هذا الأشعث: "رب أشعث أغبر لو تمنَّى على اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لأبره" (١).

فالعبرة عند اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ليس بمقياس الدنيا؛ بل إنه عَزَّ وَجَلَّ ينظر إلى قلوبنا، وقد قال سبحانه: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: ١٣]؛ فقد نجد إنسانًا عنده من المال الشيء الكثير، ومن الصحة، ومن السلطة، وغيرها؛ لكنه لا يمشي في طاعة اللَّه تعالى، ونجد إنسانًا ضعيف البنية، فقيرًا، قد يحقره الناس إذا رأوه؛ لكنه كما قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "رب أشعث أغبر لو تمنَّى على اللَّه تعالى لأبرَّه" (٢)، يعني: لو طلب من اللَّه شيئًا، وأقسم على اللَّه تعالى لَبَرَّ اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قسمه؛ لأنه وقف حياته في طاعة اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وفي مرضاة اللَّه عَزَّ وَجَلَّ.

* قوله: (وَأَجْمَعُوا (٣) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- لَمْ يَرْمِ يَوْمَ النَّحْرِ، مِنَ الجَمَرَاتِ غَيْرَهَا).

نعم، لم يرم -صلى اللَّه عليه وسلم- يوم النحر غيرها، وهذا هو المطلوب منا.

والمطلوب منا في هذا اليوم أربعة أعمال -وليس عملًا واحدًا-؛ وهي:


(١) أخرجه مسلم (٦٧٧٥) عن أبي هريرة، أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "رب أشعث مدفوع بالأبواب لو أقسم على اللَّه لأبره". ولم أقف عليه بلفظ: (لو تمنى).
(٢) تقدَّم تخريجه.
(٣) يُنظر: "الاستذكار"، لابن عبد البر (١٣/ ٥٩)، قال: "وأجمعوا أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يرم يوم النحر من الجمرات غيرها".

<<  <  ج: ص:  >  >>