للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك الإمام أحمد (١) يقول بهذا، وهذا هو الصحيح.

فلو أخرَّها إلى الليل، أو حتى رماها من الغد فلا شيء عليه.

ونحن نعلم أن هذه الشريعة بنيت على أُصول؛ منها: رفع الحرج، والتيسير على الناس (٢)؛ وهذا من التيسير على الناس ولا سيما في هذه المواقف؛ فلا تخفى الآن كثرة الحجاج، وتواردهم، وازدحامهم في هذه المواقف؛ فينبغي أن نأخذ بما جاء في هذه الشريعة من تيسير.

ولا نعني بهذا أن نأخذ بالتيسير في كل أمر من الأمور؛ حتى تلك التي لا نجد فيها مشقة؛ بل نأخذ بالتيسير عند الضرورة، وعند الحاجة، واللَّه أعلم.

* قوله: (وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ (٣) وَالشَّافِعِيُّ (٤): لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إِنْ أَخَّرَهَا إِلَى اللَّيْلِ، أَوْ إِلَى الغَدِ).

وهذا القول -إن شاء اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- هو الصواب، وهو الأرجح، وهو الذي يلتقي مع روح الشريعة الإسلامية.


(١) أنه لا شيء عليه مع أنه يقول: لا يرمي ليلًا، بل يرميها من الغد. يُنظر: "شرح منتهى الإرادات"، للبهوتي (١/ ٥٨٤)، قال: " (وإذا غربت) شمس يوم النحر قبل الرمي (فـ) إنه يرمي تلك الجمرة (من غده بعد الزوال) ".
(٢) يُنظر: "التحبير شرح التحرير"، للمرداوي (٨/ ٣٨٤٧)؛ حيث قال: "من القواعد: أن المشقة تجلب التيسير، ودليله: قوله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} إشارة إلى ما خفف عن هذه الأمة من التشديد على غيرهم، من الإصر ونحوه، وما لهم من تخفيفات أخَّر دفعًا للمشقة".
وقال السيوطي في "الأشباه والنظائر" (ص ٧٧): "قال العلماء: يتخرج على هذه القاعدة جميع رخص الشرع وتخفيفاته".
(٣) يُنظر: "رد المحتار"، لابن عابدين (٢/ ٥١٥)، قال: " (قوله: ووقته)؛ أي: وقت جوازه: أداء من الفجر؛ أي: فجر النحر إلى فجر اليوم الثاني، قال في "البحر": حتى لو أخَّره حتى طلع الفجر في اليوم الثاني لزمه دم عنده، خلافًا لهما".
(٤) تقدَّم قولهم: ووقت جواز إلى آخر أيام التشريق.

<<  <  ج: ص:  >  >>