للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا القول الأخير لهؤلاء الأئمة: هو الصحيح، وهو الذي تؤيده أحاديث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-.

* قوله: (وَعُمْدَتُهُمْ: مَا رَوَاهُ مَالِكٌ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ).

بل هو من حديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص -رضي اللَّه عنهما- (١).

* قوله: (أَنَّهُ قَالَ: "وَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- لِلنَّاسِ بِمِنًى، وَالنَّاسُ يَسْأَلُونَهُ، فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَمْ أَشْعُرْ فَحَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَنْحَرَ؟ فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "انْحَرْ وَلَا حَرَجَ"، ثُمَّ جَاءَهُ آخَرُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَمْ أَشْعُرْ، فَنَحَرْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ؟ فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "ارْمِ وَلَا حَرَجَ قَالَ: فَمَا سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَوْمَئِذٍ، عَنْ شَيْءٍ قُدِّمَ أَوْ أُخِّرَ إِلَّا قَالَ: "افْعَلْ وَلَا حَرَجَ" (٢)).

الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- يقف هذا الموقف، وهو كما نعلم قد قطع الفيافي (٣)، وجاء من أماكن بعيدة، وتحمل المشاق، ومع ذلك نجده -صلى اللَّه عليه وسلم- يقف بصدر رحب، وبنفس مطمئنة، يبين للناس ما يحتاجون إليه من الأحكام والعلم؛ فهو بذلك يطبق قول اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: ٤٤].

وهو -صلى اللَّه عليه وسلم- القائل: "ألا وإني أوتيت القرآن ومثله معه" (٤).


(١) تقدَّم تخريجه.
(٢) تقدَّم تخريجه.
(٣) الفيفاء: الصحراء الملساء، والجمع الفيافي. انظر: "الصحاح"، للجوهري (٤/ ١٤١٣).
(٤) أخرجه بهذا اللفظ أحمد في "مسنده" (٢٨/ ٤١٠)، وصحح إسناده الأرناؤوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>