للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان قد يلحق حكمه عندنا بحكمِهِ من وجه القياس من أجل أن حبس من لا خوف على النفس من حبسه كالسلطان غير المخوفة عقوبته، والوالد، وزوج المرأة، إن كان منهم أو من بعضهم حبس، ومنع عن الشُّخوصِ لعمَلِ الحج، أو الوصول إلى البيت بعد إيجاب الممنوع الإحرام، غير داخل في ظاهر قوله: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ} [البقرة: ١٩٦] لما وصفنا من أن معناه: فإن أحصركم خوف عدو، بدلالة قوله: {فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ} [البقرة: ١٩٦]، وقد بيَّن الخَبر الذي ذكرنا آنفًا عن ابن عباس أنه قال: الحَصرُ: حصرُ العَدُوِّ. وإذ كان ذلك التفسير أولى بالآية، وكان ذلك منْعًا من الوصول إلى البيت، فكل مانع عرض للمحرم فصده عن الوصول إلى البيت، فهو له نظير في الحكم.

* قوله: (وَقَالَ قَوْمٌ: بَلِ الْمُحْصَرُ هَاهُنَا الْمَمْنُوعُ مِنَ الْحَجِّ بِأَيِّ نَوْعٍ امْتَنَعَ؛ إِمَّا بِمَرَضٍ، أَوْ بِعَدُوٍّ، أَوْ بِخَطَأٍ فِي الْعَدَدِ، أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ).

قال بعضهم: هو كل مانِعٍ، أو حابس منع المحرم، وحبسَهُ عن العمل الذي فرضه اللَّه عليه في إحرامه ووصوله إلى البيتِ الحرَامِ.

* قوله: (وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ الْمُحْصَرَ عَنِ الْحَجِّ ضَرْبَانِ: إِمَّا مُحْصَرٌ بِمَرَضٍ، وَإِمَّا مَحْصَرٌ بِعَدُوٍّ. فَأَمَّا الْمُحْصَرُ بِالْعَدُوِّ فَاتَّفَقَ الْجُمْهُورُ (١) عَلَى أَنَّهُ يَحِلُّ مِنْ عُمْرَتِهِ أَوْ حَجِّهِ حَيْثُ أُحْصِرَ. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ، وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ (٢): لَا يَتَحَلَّلُ إِلَّا فِي يَوْمِ النَّحْرِ).

العلماء قد اتفقوا على أن المحرم الذي قد حصره العدو، فمُنع


(١) يُنظر: "المغني" لابن قدامة (٣/ ٣٢٦)؛ حيث قال: "أجمع أهل العلم على أن المحرم إذا حصره عدو من المشركين، أو غيرهم، فمنعوه الوصول إلى البيت، ولم يجد طريقًا آمنًا، فله التحلل".
(٢) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٤/ ١٧٢)؛ حيث قال: "وقال أبو يوسف ومحمد: ليس ذلك له ولا يتحلل دون يوم النحر، وهو قول الثوري والحسن بن صالح".

<<  <  ج: ص:  >  >>