للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِ، وَبِهِ قَالَ أَشْهَبُ (١). وَاشْتَرَطَ أَبُو حَنِيفَةَ (٢) ذَبْحَهُ فِي الْحَرَمِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ (٣): حَيْثُمَا حَلَّ).

إذا قدر المحصر على الهدي، فليس له الحل قبل ذبحه، فإن كان معه هَدْي قد ساقه أجزأه، وإن لم يكن معه لزمه شِراؤه إن أمكنه، ويُجزئه أدْنى الهَدْي، وهو شاة، أو سُبع بدنة؛ لقوله تعالى: {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: ١٩٦].

* قوله: (وَأَمَّا الْإِعَادَةُ فَإِنَّ مَالِكًا (٤) يَرَى أنْ لَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ. وَقَالَ


(١) يُنظر: "الجامع لمسائل المدونة" لأبي بكر الصقلي (٥/ ٦٠٥)؛ حيث قال: "وقال أشهب في المحصر بعدو: إنه يهدي".
(٢) يُنظر: "شرح مختصر الطحاوي" للجصاص (٢/ ٥٧٤)؛ حيث قال: "وثبت على إحرامه حتى ينحر عنه هدي في الحرم)؛ وذلك لقول اللَّه تعالى: {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ}، فدل على معنيين؛ أحدهما: أنه لا يجوز الإحلال إلا بعد ذبح الهدي. والثاني: أن يكون الذبح في الحرم، وذلك لأن قوله: "حتى": غاية، ولو كان موضع الإحصار موضع ذبح الهدي، لم يكن يشرط فيه بلوغ غاية هي المحل، ويدل عليه قوله: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ}: يعني من المحصَرِين؛ لأن الكناية راجعة إليهم، {أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ}، ولو جاز له أن يحل في الحل بذبح الهدي فيم موضعه، لما صح فيه هذا الحكم. ومعنى قوله تعالى: {وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ}: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ساق الهدي للتطوع، فجعله للإحصار، فلم يبلغ المحل الذي له ساقه. وقد روي أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أعطى بدنةَ ناجِيةَ بنِ جُندب الأسلمي -رضي اللَّه عنه- حتى أخذ بها في الشعاب والأودية، فنحرها في الحرم".
(٣) يُنظر: "الأم" للشافعي (٢/ ١٧٣)؛ حيث قال: "أما السُّنة فتدل على أن محله في هذا الموضع نحره؛ لأن "رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- نحر في الحل"، فإن قال فقد قال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ في البُدن: {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: ٣٣]، قيل ذلك إذا قدر على أن ينحَرَهَا عند البيت العتيق فهو محلها".
(٤) يُنظر: "المدونة" (١/ ٣٩٨)؛ حيث فيها: "قلت لابن القاسم: أرأيت هذا المحصور بعدو إن كان قد قضى حَجَّة الإسلام ثم أحصر فصد عن البيت، أيكون عليه قضاء هذه الحَجَّة التي صُدَّ عنها؟ قال: لا. قلت: وكذلك إن صُدَّ عن العمرة بعدو حصره؟ قال: نعم، لا قضاء عليه. قلت: وهذا قول مالك؟ قال: نعم. قلت: فإن أحصر بعدو قبل أن تمضي أيام الحج ويفوت الحج؟ قال: لا يكون محصورًا وإن حصره العدو حتى يفوته الحج".

<<  <  ج: ص:  >  >>