للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعَامِ الْمُقْبِلِ مِنْ عَامِ الْحُدَيْبِيَةَ قَضَاءً لِتِلْكَ الْعُمْرَةِ" (١). وَلِذَلِكَ قِيلَ لَهَا: عُمْرَةُ الْقَضَاءِ. وإجْمَاعُهُمْ أَيْضًا عَلَى أَنَّ الْمُحْصَرَ بِمَرَضٍ أَوْ مَا أَشْبَهَهُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ) (٢).

حُجَّة من أوجبها ما وقع للصحابة فإنهم نحروا الهَدْي حيث صُدُّوا واعتمروا من قابل وساقوا الهدي وقد روى أبو داود من طريق أبي حاضِر قال: اعتمرت فأحصرت فنحرت الهدي وتحللت ثم رجعت العام المقبل فقال لي ابن عباس: "ابذلِ الهَدْى فإن النَّبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أمر أصحابه بذلك".

وحجة من لم يوجِبْها أن تَحَللهم بالحصر لم يتوقف على نحر الهَدْي بل أمر من معه هَدْي أن ينحَرَهُ، ومن ليس معه هدي أن يحلِقَ، واستدل الكل بظاهر أحاديث من أوجبهما.

وحجة أبي حَنِيفة: أن العُمرَةَ تَلزمُ بالشُّروع، فإذا أحصِرَ جاز له تأخيرُها، فإذا زال الحصرُ أتى بها ولا يلْزَمْ مِنَ التَّحلل بين الإحرامَيْنِ سقوطُ القضاءِ.

قال ابن إسحاق (٣): خرج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في ذِي القَعدَةِ مثل الشهر الذي صُدَّ فيه المشركون معتمرًا عُمرةَ القَضاء مكان عمرته التي صدوه عنها.

وكذلك ذكروا: أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- خرج إلى عُمرةِ القضاء في ذي القَعدةِ.


(١) أخرج البخاري (١٨٠٩) عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ -رضي اللَّه عنهما-: "قَدْ أُحْصِرَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَحَلَقَ رَأْسَهُ، وَجَامَعَ نِسَاءَهُ، وَنَحَرَ هَدْيَهُ، حَتَّى اعْتَمَرَ عَامًا قَابِلًا".
(٢) يُفهم هذا الإجماع من نصوص الفقهاء المذكورة آنفًا، ولم أقف على من نصَّ عليه.
(٣) يُنظر: "سيرة ابن هشام" (٢/ ٣٧٠)؛ حيث قال: "قال ابن إسحاق: فلما رجع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى المدينة من خيبر، أقام بها شَهْرَي ربيع وجَماديين ورجبًا وشعبان ورمضان وشوالًا، يبعث فيما بين ذلك من غزوه وسراياه -صلى اللَّه عليه وسلم- ثم خرج في ذي القعدة في الشهر الذي صده فيه المشركون معتمرًا عُمرةَ القضاء، مكان عُمرته التي صَدُّوهُ عَنْهَا".

<<  <  ج: ص:  >  >>