للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحِجَازِ أَنَّهُ لَا يُحِلُّهُ إِلَّا الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ وَالسَّعْيُ مَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَأَنَّهُ بِالْجُمْلَةِ يَتَحَلَّلُ بِعُمْرَةٍ؛ لِأَنَّهُ إِذَا فَاتَهُ الْحَجُّ بِطُولِ مَرَضِهِ انْقَلَبَ عُمْرَةً، وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ عُمَرَ (١)، وَعَائِشَةَ (٢)، وَابْنِ عَبَّاسٍ) (٣).

من يتعذر عليه الوصول إلى البيتِ بغيرِ حَصْرِ العدُوِّ، من مرض، أو عَرَجٍ، أو ذَهابِ نفَقَةٍ، ونحوه، أنه لا يجوز له التحلل بذلك.

وبه قال مالك، والشافعي، وأحمد في مشهور مذهبه.

* قوله: (وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ أَهْلُ الْعِرَاقِ، فَقَالُوا: يَحِلُّ مَكَانَهُ، وَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمُحْصَرِ بِعَدُوٍّ، أَعْنِي: أَنْ يُرْسِلَ هَدْيَهُ، وَيُقَدِّرَ يَوْمَ نَحْرِهِ، وَيَحِلَّ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ. وَبِهِ قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ) (٤).

هذا مذهب الأحناف (٥).


= لا تَتَحلَّل الشِّرذَمة ولا تحلل بالمرض، فإن شَرطه تحَلَّل به على المشهور ومن تحلل ذبحَ شاة حيث أحصر. قلت: إنما يحصُل التَّحَلُّلُ بالذبح ونية التحلُّل، وكذا الحلق إن جعلناه نُسُكًا، فإن فقد الدم فالأظهر أن له بدلًا، وأنه طعام بقيمة الشاة، فإن عجز صام عن كل مُدٍّ يومًا وله التحلُّل في الحال في الأظهر واللَّه أعلم، وإذا أحرم العبدُ بلا إذن فلسيِّدِهِ تحليله وللزوج تحليلها من حج تطوع لم يأذن فيه، وكذا من الفرض في الأظهر ولا قضاء على المحصر المتطوع، فإن كان فرضًا مستقرًّا بقي في ذمته أو غير مستقر اعتبرت الاستطاعة بعد، ومن فاتَه الوقوف تحلل بطواف وسَعَي وحَلَق وفيهما قول وعليه دم والقضاء".
(١) أخرج مالك في "الموطأ" (١/ ٣٦١): عن عبد اللَّه بن عمر أنه قال: "المحصر بمَرَضٍ لا يحل حتى يطوف بالبيت، ويسعى بين الصفا والمروة، فإذا اضطر إلى لبس شيء من الثياب التي لا بدَّ له منها، أو الدواء، صنع ذلك وافتدى".
(٢) أخرج البيهقي في "معرفة السنن والآثار" (٧/ ٤٩٣) عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تَقُولُ: "الْمُحْرِمُ لَا يُحِلُّهُ إِلا الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ".
(٣) ذكره البخاري معلقًا.
(٤) أخرج ابن أبي شيبة (١٣٨٦٦): عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: "إِذَا نُحِرَ هَدْيُهُ حَلَّ".
(٥) يُنظر: "التجريد" للقدوري (٤/ ٢١٣١)؛ حيث قال: "قال أصحابنا: لا يجوز ذبْحُ هدي الإحصار إلا في الحرم".

<<  <  ج: ص:  >  >>