للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ الْحَجَّاجِ بْنِ عَمْرو الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَقُولُ: "مَنْ كَسِرَ أَوْ عَرِجَ فَقَدْ حَلَّ، وَعَلَيْهِ حِجَّةٌ أُخْرَى" (١). وَبِإِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّ الْمُحْصَرَ بِعَدُوٍّ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ إِحْلَالِهِ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ (٢)).

لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "مَنْ كُسِرَ أَوْ عَرِجَ فَقَدْ حَلَّ، وَعَلَيْهِ حِجَّةٌ أُخْرَى".

ولأنه محصر يدخل في عُمومِ قوله تعالى: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: ١٩٦].

يحققه: أن لفْظَ الإحصار إنما هو للمَرَضِ ونحوه، يقال: أحصره المرض إحصارًا، فهو محصرٌ، وحصرَهُ العَدُوُّ، حصرًا، فهو محصور، فيكون اللفظ صريحًا في محل النزاع، وحصر العَدو مقيس عليه. ولأنه مصدود عن البيت، أشبه من صده عدو.

ووجه الأولى أنه لا يستفيد بالإحلال الانتقال من حاله، ولا التخلص من الأذى الذي به، بخلاف حصر العدو، ولأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- دخل على ضُباعَة بنتِ الزُّبَيرِ، فقالت: إني أريد الحج، وأنا شاكية. فقال: "حجِّي، واشْتَرِطي أن مَحِلِّي حيث حَبَسْتَنِي".

فلو كان المرض يبيح الحل، ما احتاجت إلى شرط، وحديثهم متروك الظاهر، فإن مجرد الكَسْر والعرج لا يصير به حلالًا، فإن حملوه على أنه يبيح التحلل، حملناه على ما إذا اشترط الحل بذلك، على أن في حديثهم كلامًا، فإنه يرويه ابن عباس، ومذهبه خلافه.


(١) أخرجه أبو داود (١٨٦٢)، وقال الأرناؤوط: "إسناده صحيح".
(٢) يُنظر: "شرح معاني الآثار" للطحاوي (٢/ ٢٥٥)؛ حيث قال: "تلك الأشياء من الطواف بالبيت، والسعي بين الصفا والمروة، ورمي الجمار، قد صد عنه المحرم، وحيل بينه وبينه، فسقط عنه أن يفعله".

<<  <  ج: ص:  >  >>