للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قلنا: يتحلل. فحكمه حكم من أحصر بعَدُوٍّ على ما مضى. وإن قلنا: لا يتحلل. فإنه يقيم على إحرامه، ويبعث ما معه من الهدي ليذبح بمكة، وليس له نحره في مكانه؛ لأنه لم يتحَلَّل. فإن فاته الحج، تحلل بعُمرة، كغير المريض.

* قوله: (وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ الْمُحْصَرَ بِمَرَضٍ عَلَيْهِ الْهَدْيُ (١)، وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ (٢): لَا هَدْيَ عَلَيْهِ اعْتِمَادًا عَلَى ظَاهِرِ هَذَا الْمُحْصَرِ، وَعَلَى أَنَّ الْآيَةَ الْوَارِدَةَ فِي الْمُحْصَرِ هُوَ حَصْرُ الْعَدُوِّ).

ذهب الجمهور إلى وُجوب الهَدْي، وهو ظاهر الأحاديث الثابِتَةِ عنه -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه فعل ذلك في الحُدَيبِيَةِ.

واستدلوا بالحديثِ الذي جاء عن سالمٍ، قال: كان ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- يقول: "أليس حَسْبُكم سنَّة رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ إن حبس أحدكم عن الحج، طاف بالبيت، وبالصفا والمروة، ثم حل من كل شيء، حتى يحج عامًا قابِلًا، فيهدي أو يصوم إن لم يجِدْ هَدْيًا" (٣).

لأنَّ قوله: "فيهدي"، فيه دليلٌ على وُجوب الهدي على المحصر، ولكن الإحصار الذي وقع في عهد النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إِنَّمَا وقع في العمرة فقاس العلماء الحج على ذلك، وهو من الإلحاق بنفي الفارِقِ.

* قوله: (وَأَجْمَعُوا عَلَى إِيجَابِ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ) (٤).

وجوب القضاء على المُحصر بمرض.


(١) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٤/ ١٧٨)؛ حيث قال: "وهو قول جمهور العلماء".
(٢) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٤/ ١٧٨)؛ حيث قال: "وشذت طائفة قالت: من أحصر بمرض أو كسر أو عرج فقد حل بالموضع الذي عرض له هذا فيه ولا هدي عليه وعليه القضاء، وممن قال بهذا أبو ثور وداود".
(٣) أخرجه البخاري (١٨١٠).
(٤) هذا مفهوم من النصوص المذكورة آنفًا، ولم أقف على من نصَّ عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>