للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِعُمْرَةٍ، وَإِنْ [نُعِشَ نَعْشًا] (١)).

المكِّي عند مالك كغيره، فإنه يحل بعمرة، ويجب عليه الهدي، ثُمَّ يجب عليه إعادة الحج.

* قوله: (وَأَصْلُ مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّ الْمُحْصَرَ بِمَرَضٍ إِنْ بَقِيَ عَلَى إِحْرَامِهِ إِلَى الْعَامِ الْمُقْبِلِ حَتَّى يَحُجَّ حَجَّةَ الْقَضَاءِ فَلَا هَدْيَ عَلَيْهِ، فَإِنْ تَحَلَّلَ بِعُمْرَةٍ فَعَلَيْهِ هَدْيُ الْمُحْصَرِ، لِأَنَّهُ حَلَقَ رَأْسَهُ قَبْلَ أَنْ يَنْحَرَ فِي حَجَّةِ الْقَضَاءِ، وَكَانَ مَنْ تَأَوَّلَ قَوْلَهُ -سُبْحَانَهُ-: {فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ} [البقرة: ١٩٦] أَنَّهُ خِطَابٌ لِلْمُحْصَرِ (٢)، وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَعْتَقِدَ عَلَى ظَاهِرِ الْآيَةِ أَنَّ عَلَيْهِ هَدْيَيْنِ: هَدْيًا لِحَلْقِهِ عِنْدَ التَّحَلُّلِ قَبْلَ نَحْرِهِ فِي حَجَّةِ الْقَضَاءِ، وَهَدْيًا لِتَمَتعِهِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ، وَإِنْ حَلَّ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مِنَ الْعُمْرَةِ وَجَبَ عَلَيْهِ هَدْيٌ ثَالِثٌ، وَهُوَ هَدْيُ التَّمَتُّعِ الَّذِي هُوَ أَحَدُ أَنْوَاعِ نُسُكِ الْحَجِّ).

قوله تعالى: {فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ}، اختلفوا في معناها، ومراد المؤلف أنَّ بعضهم قال: إن شفيتم من المرض الذي حلَّ بكم وأحصركم عن الحج.

* قوله: (وَأَمَّا مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ فَكَانَ يَتَأَوَّلُ؛ لِمَكَانِ هَذَا أَنَّ الْمُحْصَرَ إِنَّمَا عَلَيْةِ هَدْيٌ وَاحِدٌ، وَكَانَ يَقُولُ: إِنَّ الْهَدْيَ الَّذِي فِي قَوْلِهِ -سُبْحَانَهُ-: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: ١٩٦] هُوَ بِعَيْنِهِ الْهَدْيُ الَّذِي في قَوْلِهِ: {فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ


(١) قال ابن بطال في "شرح صحيح البخاري" (٤/ ٤٦٤): "وقال الزهريُّ: إذا أحصر المكيُّ فلا بدَّ له من الوقوف بعرفة وإن تَعَسَّ بعساء".
(٢) يُنظر: "تفسير الطبري"؛ حيث قال: "اختلف أهل التأويل في معنى ذلك، فقال بعضهم: معناه: فإذا برأتم من مرضكم الذي أحصركم عن حجكم، أو عمرتكم".

<<  <  ج: ص:  >  >>