للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ: فلمَّا أصبحنا أتى رسول الله من جهة حراء. فقلنا: يا رسول الله، طلبناك في الشعاب والأودية فلم نجدك. فقال: "أتاني وفدٌ من الجن"، "أتاني داعي الجن وذهبت معه وقرأتُ عَلَيهم القرآن"، قال عبد الله بن مسعود: فانطلق بنا رسول الله، فأرانا آثارهم، وآثار نيرانهم.

وبهذا يَتبيَّن أن عبدَالله بن مسعود وغيره من الصحابة لَمْ يكونوا مع رسول الله، نعم كانوا معه في تلك الليلة، لَكنَّهم ما حضروا، ولَمْ يرد في هذا الأثر الذي رأيتم ذكرٌ للنبيذ ولا غيره.

وأيضًا أخرجه مسلم من طريق علقمة أنه قال: هل شهد أحدٌ منكم ليلة الجن مع رسول الله؟ قال: ما كنت معه، ووددت أني كنت معه (١).

وَعَلى كلٍّ، فإنَّ عبد الله بن مسعود وغيره لم يشهدوا ليلة الجن، فقد فَقَدوا النبي - صلى الله عليه وسلم - في الرواية الأُولى، ثم رأوه في الصباح، فَحَكى لهم ما حدث. وفي الرواية الثانية أن عبد الله لم يكن معه، وود لو كان معه - صلى الله عليه وسلم - في تلك الليلة.

ومع كثرة طرق الحديث، وتعدد رواياته، إلا أن الحفاظ والفقهاء انتهوا إلى تضعيفه.

ولئن كان المؤلف قد ذكر ضعف الحديث الذي ذكره إلا أنه لم يستقصِ القول فيه، مع أن الكلام فيه كثيرٌ جدًّا.

فمن جِهَةٍ هو حديثٌ ضعيفٌ، كما سبق، ومن جِهَةٍ فهو مخالفٌ للأصول قال جمهور العلماء (٢) بمخالفته؛ لقول الله -سبحانه وتعالى-: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً


(١) أخرجه مسلم (٤٥٠/ ١٥٢).
(٢) مذهب المالكية، يُنظر: "الشرح الصغير" للدردير (١/ ١٧٩) حيث قال: "إنما يتيمم لفَقْد ماءٍ كافٍ بسفرٍ أو حضرٍ، أو قدرة على استعماله".
مذهب الشافعية، يُنظر: "أَسنى المطالب" لزكريا الأنصاري (١/ ٧٢) حيث قال: "أسباب العجز سبعة، هذا ما في الأصل، والمصنف كالمنهاجِ جعل المبيح السبعة نظرًا للظاهر، فقال: (وهو سبعةٌ: الأول فَقْد الماء، فإن تيقن فقْده) حوله (فلا طلب عليه)؛ لأنه عبث (وإلا) بأن جوَّز وجوده (وجب عليه طلبه في الوقت أو) طلب =

<<  <  ج: ص:  >  >>