للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَتَيَمَّمُوا} [النساء: ٤٣]، فهنا في الآيةِ لم يجعل واسطةً بين الماء وبين التراب، وإنما إذا عدم الإنسان الماء ينتقل مباشرةً إلى التراب.

وَكَذلك ورَد في الحديث الصحيح: "الصَّعيد الطَّيِّب وضوء المسلم وإنْ لَمْ يجد الماء عشر سنين" (١).

وفي بعض الروايات كالذي ذكر المؤلف: "عشر حجج" (٢)، "فإذا وجد الماء، فليمسه بشرته" (٣).

إذًا، "الصعيد الطيب وَضُوء المسلم"، وفي بعض الروايات "طهور المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين" (٤)، "فإذا وجد الماء فليمسَّه بشرته"، فالحديث انتقل مباشرةً من الماءِ إلى التراب، إذًا فهو البديل عن الماء.

وإذَا كَانَ جماهير العلماء ضَعَّفوا الحديث نقلًا من الكتاب والسُّنَّة كمَا سَبَق، فَإنَّهمْ أردفوا بتضعيفِهِ عقلًا، فَقَالوا: كلُّ شَيْءٍ لا يَجُوز التطهر به حضرًا، لم يجز التطهر به سفرًا، وعلى هذا كيف يجوز الوضوء بنبيذ التمرِ في السفرِ، ولا يجوز في الحضر مع أن هذه طهارة، ولا تختلف الحال بين المسافر وغير المسافر؛ لأن الله -سبحانه وتعالى- أباح لنا إذا لم نجد الماء أن نتطهر بالتراب "وجعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا" (٥)، وفي روايةٍ:


= (مأذونه)، كذلك لقوله تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [النساء: ٤٣]، ولا يُقَال لم يجد إلا بعد الطلب، ولأن التيممَ طهارةٌ ضرورة، ولا ضرورة مع إمكانها بالماء، ولا قبل الوقت. وانظر: "نهاية المحتاج" للرملي (١/ ٢٦٥).
مذهب الحنابلة، يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (١/ ١٦٠) حيث قال: "والتيمم (بدل عن طهارة الماء)؛ لأنه مترتبٌ عليها، يجب فعلُهُ عند عدم الماء، ولا يجوز مع وجوده إلا لعذرٍ، وهذا شأن البدل (ويجوز) التيمم (حضرًا وسفرًا، ولو) كان السفر (غير مباح أو) كان (قصيرًا).
(١) أخرجه النسائي (٣٢٢) وغيره، وصحَّحه الأَلْبَانيُّ في "إرواء الغليل" (١٥٣).
(٢) أخرجه أحمد في "مسنده" (٢١٣٠٤) وقال الأرناوؤط: صحيح لغيره.
(٣) أخرجه الترمذي (١٢٤)، وصححه الأَلْبَانيُّ.
(٤) تقدم تخريجه.
(٥) أخرجه البخاري (٣٣٥)، ومسلم (٥٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>