للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَبَعْضُهُمْ رَأَى أَنَّهُ أَضْعَفُ نِكَايَةً مِنَ الْعَقْرَبِ. وَبِالْجُمْلَةِ فَالْمَنْصُوصُ عَلَيْهَا تَتَضَمَّنُ أَنْوَاعًا مِنَ الْفَسَادِ، فَمَنْ رَأَى أَنَّهُ مِنْ بَاب الْخَاصِّ أُرِيدَ بِهِ الْعَامُّ أَلْحَقَ بِوَاحِدٍ وَاحِدٍ مِنْهَا مَا يُشْبِهُهُ إِنْ كَانَ لَهُ شَبَةٌ، وَمَنْ لَمْ يَرَ ذَلِكَ قَصَرَ النَّهْيَ عَلَى الْمَنْطُوقِ بِهِ. وَشَذَّتْ طَائِفَةٌ فَقَالَتْ: لَا يُقْتَلُ إِلَّا الْغُرَابُ الْأَبْقَعُ (١). فَخَصَّصَتْ عُمُومَ الِاسْمِ الْوَارِدِ فِي الْحَدِيثِ الثَّابِتِ بِمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهُ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- قَالَ: "خَمْسٌ يُقْتَلْنَ فِي الْحَرَمِ، فَذَكَرَ فِيهِنَّ: الْغُرَابَ الْأَبْقَعَ" (٢). وَشَذَّ النَّخَعِيُّ (٣) فَمَنَعَ الْمُحْرِمَ قَتْلَ الصَّيْدِ إِلَّا الْفَأْرَةَ).

واختلفوا في الزنبور؛ فشبهه بعضهم بالحية والعقرب، فإن عرض لإنسان فدفعه عن نفسه لم يكن عليه فيه شيء.


= الأرض فلأنها ليست بصيود أصلًا، وإن كان بعضها يبتدئ بالأذى كالبرغوث، ودخل الزنبور والسرطان والذباب والبق والقنافذ والخنافس والوزغ والحلمة وصياح الليل وابن عرس، وينبغي أن يكون العقرَبُ والفأرة من هذا القسم؛ لأن حد الصيد لا يوجد فيهما والبعوض من صغار البق الواحدة بعوضة بالهاء واشتقاقها من البعض، لأنها كبعض البقة قال: اللَّه تعالى: {مَثَلًا مَا بَعُوضَةً} [البقرة: ٢٦] ".
والمالكيَّة، يُنظر: "شرح الرسالة" للقاضي عبد الوهاب (٢/ ٢٠٠)؛ حيث قال: "لا خلاف في أن للمحرم قتل الحية، والعقرب، والزنبور، والفأرة وما أشبه ذلك، والذئب، والكلب العقور".
والشافعية، يُنظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (٤/ ٣٤١)؛ حيث قال: "ضربٌ لا جزاء في قتله إجماعًا، وذلك الهوام وحشرات الأرض، فالهوام كالحية والعقرب، والزنبور، والحشرات كالدود والخنافس والجعول".
والحنابلة، يُنظر: "الجامع لعلوم الإمام أحمد - الفقه" (٨/ ٢١٥)؛ حيث قال: "قال أبو داود: سمعت أحْمَد سئل عن المحرم يقتل الزنبور؟ قال: نعم، يقتل كل شيء يؤذيه". مسائل أبي داود (٨٤٢).
(١) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٤/ ١٥٨)؛ حيث قال: "وشذت فرقة أُخرى، فقالت: لا يقتل من الغربان إلا الغراب الأبقع".
(٢) سبق تخريجه.
(٣) لم أقف عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>