للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَالِكٍ هَاهُنَا هُوَ نُسُكٌ وَلَيْسَ بِهَدْيٍ، فَإِنَّ الْهَدْيَ لَا يَكُونُ إِلَّا بِمَكَّةَ أَوْ بِمِنًى. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ (١)، وَالشَّافِعِيُّ (٢): الدَّمُ وَالْإِطْعَامُ لَا يُجْزِيَانِ إِلَّا بِمَكَّةَ، وَالصَّوْمُ حَيْثُ شَاءَ. وَقَالَ [ابْنُ عَبَّاسٍ:] (٣) مَا كَانَ مِنْ دَمِهِ فَبِمَكَّةَ، وَمَا كَانَ مِنْ إِطْعَامٍ وَصِيَامٍ فَحَيْثُ شَاءَ. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ مِثْلُهُ. وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ (٤) أَنَّ دَمَ الْإِطْعَامِ لَا يُجْزِئُ إِلَّا لِمَسَاكِينِ الْحَرَمِ).

اختلفوا في أي موضع تكون الفدية، بعضهم بحث عن إغناء مساكين الحرم، وبعضهم لن يقصر الأمر على مساكين الحرم، وجوَّز الفدية ولو في بلده.

* قوله: (وَسَبَبُ الْخِلَافِ اسْتِعْمَالُ قِيَاسِ دَمِ النُّسُكِ عَلَى الْهَدْيِ؛


= إن شاء بمكة وإن شاء ببلده وذبح النسك، والإطعام والصيام عنده سواء يفعل ما شاء من ذلك أين شاء، وهو قول مجاهد".
(١) "المبسوط" للشيباني (٢/ ٤٣٣)؛ حيث قال: "إلا النسك فإنه لا يجزي إلا بمكة وإذا فعله غير مضطر فعليه دم لا يجزيه غيره".
(٢) يُنظر: "الأم" للشافعي (٢/ ٢٠٢)؛ حيث قال: " (قال الشافعي): قال اللَّه تعالى: {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [المائدة: ٩٥] (قال الشافعي): فلما كان كل ما أريد به هدي من ملك ابن آدم هديًا كانت الأنعام كلها وكل ما أهدى فهو بمكة واللَّه أعلم، ولو خفي عن أحد أن هذا هكذا ما انبغى -واللَّه أعلم- أن يخفى عليه إذا كان الصيد إذا جزى بشيء من النعم لا يجزئ فيه إلا أن يجزئ بمكة، فعلم أن مكة أعظم أرض اللَّه تعالى حرمة وأولاه أن تنزه عن الدماء لولا ما عقلنا من حكم اللَّه في أنه للمساكين الحاضرين بمكة، فإذا عقلنا هذا عن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ فكان جزاء الصيد بطعام لم يجز -واللَّه أعلم- إلا بمكة".
(٣) لم أر هذا عن ابن عباس، ويؤكِّدُ ذلك قول ابن عبد البر في الاستذكار (٤/ ٣٨٩) -وهو مصدر المؤلف-: "وقال عطاء: ما كان من دم فبمكة وما كان من إطعام أو صيام فحيث شاء".
(٤) يُنظر: "الأم" للشافعي (٢/ ٢٠٢)؛ حيث قال: "لولا ما عقلنا من حكم اللَّه في أنه للمساكين الحاضرين بمكة، فإذا عقلنا هذا عن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ فكان جزاء الصيد بطعام لم يجز -واللَّه أعلم- إلا بمكة".

<<  <  ج: ص:  >  >>