للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَمَنْ قَاسَهُ عَلَى الْهَدْيِ أَوْجَبَ فِيهِ شُرُوطَ الْهَدْيِ مِنَ الذَّبْحِ فِي الْمَكَانِ الْمَخْصُوصِ بِهِ، وَفِي مَسَاكِينِ الْحَرَمِ. وَإِنْ كَانَ مَالِكٌ يَرَى أَنَّ الْهَدْيَ يَجُوزُ إِطْعَامُهُ لِغَيْرِ مَسَاكِينِ الْحَرَمِ، وَالَّذِي يَجْمَعُ النُّسُكَ وَالْهَدْيَ هُوَ أَنَّ الْمَقْصُودَ بِهِمَا مَنْفَعَةُ الْمَسَاكِينِ الْمُجَاوِرِينَ لِبَيْتِ اللَّهِ، وَالْمُخَالِفُ يَقُولُ: إِنَّ الشَّرْعَ لَمَّا فَرَّقَ بَيْنَ اسْمِهِمَا، فَسَمَّى أَحَدَهُمَا: نُسُكًا، وَسَمَّى الْآخَرَ: هَدْيًا، وَجَبَ أَنْ يَكُونَ حُكْمُهُمَا مُخْتَلِفًا، وَأَمَّا الْوَقْتُ، فَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْكَفَّارَةَ لَا تَكُونُ إِلَّا بَعْدَ إِمَاطَةِ الْأَذَى، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَدْخُلَهُ الْخِلَافُ قِيَاسًا عَلَى كَفَّارَةِ الْأَيْمَانِ. فَهَذَا هُوَ الْقَوْلُ فِي كَفَّارَةِ إِمَاطَةِ الْأَذَى).

بعضهم قاس دم النسك على الهدي، فأوجب فيه شروط الهدي.

* قوله: (وَاخْتَلَفُوا فِي حَلْقِ الرَّأْسِ هَلْ هُوَ مِنْ مَنَاسِكِ الْحَجِّ؟ أَوْ هُوَ مِمَّا يُتَحَلَّلُ بِهِ مِنْهُ؟ وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْجُمْهُورِ فِي أَنَّهُ مِنْ أَعْمَالِ الْحَجِّ، وَأَنَّ الْحَلْقَ أَفْضَلُ مِنَ التَّقْصِيرِ، لِمَا ثَبَتَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَالَ: "اللَّهُمَّ، ارْحَمِ الْمُحَلِّقِينَ! " قَالُوا: وَالْمُقَصِّرِينَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "اللَّهُمَّ، ارْحَمِ الْمُحَلِّقِينَ! " قَالُوا: وَالْمُقَصِّرِينَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "اللَّهُمَّ، ارْحَمِ الْمُحَلِّقِينَ! " قَالُوا: وَالْمُقَصِّرِينَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "وَالْمُقَصِّرِينَ" (١). وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ النِّسَاءَ لَا يَحْلِقْنَ، وَأَنَّ سَنَتَهُنَّ التَّقْصِيرُ) (٢).

كان عادة أكثر العرب اتخاذ الشعر على الرؤوس وتوفيرها وتزييتها، وكان التَّسْميت والحَلْقُ فيهم قليلًا، وكانوا يرون ذلك نَوعًا من الشهرة،


(١) أخرجه البخاري (١٧٢٧)، ومسلم (١٣٠١).
(٢) يُنظر: "الإقناع في مسائل الإجماع" لابن القطان (١/ ٢٩٢)؛ حيث قال: "وأجمعوا أن النساء لا يحلقن وأن سنتهن التقصير".

<<  <  ج: ص:  >  >>