للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجه استدلاله: أنَّ الهدي إذا وجب باتفاق فواجب أن لا يُجزئ إلا بمثل ذلك أو سنة توجب غير ذلك، والفعل منه -صلى اللَّه عليه وسلم- عند المالكيين على الوجوب في مثل هذا.

* قوله: (وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: التَّعْرِيفُ سُنَّة مِثْلُ التَّقْلِيدِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَيْسَ التَّعْرِيفُ بِسُنَّةٍ، وَإِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ لِأَنَّ مَسْكَنَهُ كَانَ خَارِجَ الْحَرَمِ. وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ (١) التَّخْيِيرُ فِي تَعْرِيفِ الْهَدْيِ أَوْ لَا تَعْرِيفِهِ).

وأبو حنيفة يقول: ليس بسُنَّة؛ لأن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إنما ساق الهدي من الحل؛ لأن مسكنه كان خارج الحَرمِ.

* قوله: (وَأَمَّا مَحِلُّهُ فَهُوَ الْبَيْتُ الْعَتِيقُ، كَمَا قَالَ -تَعَالَى-: {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: ٣٣]، وَقَالَ: {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [المائدة: ٩٥]).

لأن هذا ذبح يتعلَّق بالإحرام، فلم يجز في غير الحرم.

* قوله: (وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْكَعْبَةَ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ فِيهَا ذَبْحٌ، وَكَذَلِكَ الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ (٢)، وَأَنَّ الْمَعْنَى فِي قَوْلِهِ: {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [المائدة: ٩٥]- أَنَّهُ إِنَّمَا أَرَادَ بِهِ النَّحْرَ بِمَكَّةَ إِحْسَانًا مِنْهُ لِمَسَاكِينِهِمْ وَفُقَرَائِهِمْ).


(١) لم أقف إلا على ما أخرجه ابن أبي شيبة (١٤٩٧٩): عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، قَالَ: "أَرْسَلَ إِلَى عَائِشَةَ فَسَأَلَهَا أَيُعَرَّفُ بِالْبَدَنَةِ؟ قَالَ: فَقَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: فَقَالَ أَيُشْعَرُ؟ قَالَ: فَقَالَتْ: إِنْ شِئْتَ إِنَّمَا أُشْعِرَتْ لِيُعْلَمَ أَنَّهَا بَدَنَةً".
(٢) يُنظر: "الإقناع في مسائل الإجماع" لابن القطان (١/ ٢٩٨)؛ حيث قال: "وأجمع العلماء على أن الكعبة هي البيت الحرام، وهي البيت العتيق، لا يجوز لأحد فيه ذبح ولا نحر، وكذلك المسجد الحرام".

<<  <  ج: ص:  >  >>