للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البلوغ، والعقل، وهذه شروطٌ يَذْكرها العلماء عامة في فروع هذه الشريعة، وقد تكلَّمنا عن ذلك في الصلاة والزكاة والحج.

فالإسلام والبلوغ والعقل والذكورية والحرية والقدرة على الجهاد، وأن يكون صحيحًا، هذه شروطه، وسنفصل القول في كلِّ واحدٍ منها، ثم آخرها وجوب النفقة، فهذه شروط سبعة: "الإسلام والبلوغ والعقل والحرية والذكورية والقدرة على النفقة والصحة" بأن يكون قادرًا على الجهاد، ليس أعمى، وليس به مرض يمنعه، ولا يكون أعرج عرجًا يمنعه.

فالمؤلف لم يذكر الشروط الثلاثة الأُولى، ولعله اكتفاءً بما مرَّ، وإنما ينبغي أن يذكرها؛ لأن المقام يتطلب ذلك، فأوَّل هذه الشروط:

١ - الإسلام: ومعلومٌ أنَّ أي عمل لا يمكن أن يُقْبل ما لم يصحبه الإسلام؛ لأن اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يقول في شأن الكافرين: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا (٢٣)} [الفرقان: ٢٣].

ويقول أيضًا: {وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ} [التوبة: ٥٤].

فَالإسلام ضدُّه الكفر، والكافر لا يقبل اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى منه صرفًا، ولا عدلًا، والجهاد إنما هو طاعةٌ للَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وقربةٌ إليه، فهو عمل صالح، والعمل الصالح لا يقبل إلا مع الإسلام، ولذلك نجد أن اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عندما يذكر الأعمال، يربطها بالإيمان، وهذا الإيمان هو العقيدة التي كثيرًا ما نتكلم عنها، وننوِّه بشأنها، ونبيِّن أهميتها، وهي التي بيَّنها اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى في كتابه العزيز في قوله: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ} [البقرة: ١٧٧].

وقال في الآية الأُخرى: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (٤٩)} [القمر: ٤٩].

وحديث جبريل المشهور عندما جاء إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في صورة رجلٍ شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر. . . إلى آخره، فسأله عن

<<  <  ج: ص:  >  >>