للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قائلًا: "عَليهنَّ جهادٌ لا قتال فيه؛ الحج والعمرة" (١)، فجهاد المرأة إنَّما هو في الحج والعمرة، ولأن الجهاد أيضًا يُطْلب فيه القوة والشجاعة، والمرأة معروفة بضَعْفها وبِخَوَرها، ولذلك لا تتوفر فيها هذه الشروط إلى جانب كون هذه المرأة عورة، لكن لا مانع أن يُقدِّم النساء خدمات للمجاهدين في معالجة الجرحى، وفي جلب الماء، فهذا أمر طيب قد حصل شيء منه في زمن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (٢)، لَكن أن تجاهد المرأة بأن تحمل السيف أو نحوه، فهذا غير مطلوبٍ منها.

إذًا، من شُرُوط الجهاد: أن يكون مسلمًا بالغًا عاقلًا ذكرًا.

وكذلك الحرية، والحرُّ يقابله المملوك، وهذا شرط موضع اتفاق عند العلماء (٣): أن يكون المجاهد حرًّا، ودليل ذلك: أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عندما


(١) أخرجه أحمد (٢٥٣٢٢)، وصححه الأَلْبَانيُّ في (الإرواء) (٩٨١).
وأخرجه البخاري (١٥٢٠) بلفظ: عن عائشة بنت طلحة، عن عائشة أم المؤمنين -رضي اللَّه عنها-، أنها قالت: يا رسول اللَّه، نرى الجهاد أفضل العمل، أفلا نجاهد؟ قال: "لا، لكن أفضل الجهاد حج مبرور".
(٢) أخرجه مسلم (١٨١٠) بلفظ: عن أنس بن مالك، قال: "كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يغزو بأم سليم ونسوة من الأنصار معه إذا غزا، فيسقين الماء، ويداوين الجرحى".
(٣) مذهب الحنفية، يُنظر: "بدائع الصنائع" للكاساني (٧/ ١٢٦) حيث قال: " (فأما) المرأة والصبي العاقل، والذمي والعبد المحجور، فليس لهم سهم كامل؛ لأنهم ليسوا من أهل القتال، ألا ترى أنه لا يجب القتال على الصبي والذمي أصلًا؟ ولا يجب على المرأة والعبد إلا عند الضرورة؟ وهي ضرورة عموم النفير".
ومذهب المالكية، يُنظر: "المقدمات الممهدات" لابن رشد الجد (١/ ٣٥٣) حيث قال: "فالجهاد على العبد ساقط من كل وجه".
ومذهب الشافعية، يُنظر: "المجموع شرح المهذب" للنووي (١٩/ ٢٧٠) حيث قال: "ولا يجب على العبد؛ لقوله عَزَّ وَجَلَّ: {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ}، والعبد لا يجد ما ينفق".
ومذهب الحنابلة، يُنظر: "المغني" لابن قدامة (٩/ ١٩٨) حيث قال: "الحرية فتشترط؛ لما روي أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يبايع الحر على الإسلام والجهاد، ويبايع العبد على الإسلام دون الجهاد، ولأن الجهاد عبادة تتعلق بقطع مسافة، فلم تجب على العبد، كالحج".

<<  <  ج: ص:  >  >>