للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خِلَافًا، وَعَامَّةُ الفُقَهَاءِ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ مِنْ شَرْطِ هَذِهِ الفَرِيضَةِ إِذْنُ الأَبَوَيْنِ فِيهَا) (١).

الأبوان لا يخلوان من حالين:

١ - إما أن يكون والدا هذا المجاهد مسلمين أو غير مسلمين، أو أن يكون أحدهما: مسلمًا، والآخر: غير مسلم، فمَنْ كان له أبوان مسلمان، أو كان أحدهما: مسلمًا، والآخر: غير مسلم؛ فلا ينبغي للمسلم أن يجاهد إلا بعد إذنهما، وقد وردت في ذلك عدة أحاديث، منها: قصة الرجل الذي جَاءَ إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَطَلب منه أن يجاهد، فسأله فقال: "ألك أبوان؟ "، فقال: نعم. قال: "ففيهما فجاهد" (٢).

وفي قصة الرجل الذي قدم من اليمن إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ليجاهد


(١) مذهب الحنفية، يُنظر: "فتح القدير" للكمال بن الهمام (٥/ ٤٤٢) حيث قال: "وعن هذا حرم الخروج إلى الجهاد وأحد الأبوين كاره؛ لأن طاعة كل منهما فرض عين، والجهاد لم يتعيَّن عليه".
ومذهب المالكية، يُنظر: "الشرح الكبير" للدردير و"حاشية الدسوقي" (٢/ ١٧٥) حيث قال: " (ودين حل) مع قدرته على الوفاء وإلا خرج بغير إذن ربه (كوالدين) أي: كالسقوط بمنع أحد والدِّين دنية شفقة (في) كل (فرض كفاية)، ولو علمًا كفائيًّا، فلا يخرج له إلا بإذنهما حيث كان في بلده من يفيد، وإلا خرج له بغير إذنهما إن كان فيه أهلية النظر".
ومذهب الشافعية، يُنظر: "المجموع شرح المهذب" للنووي (٩/ ٢٧٥) حيث قال: "وَإِنْ كان أحد أبويه مسلمًا، لم يجز أن يجاهد بغير إذنه، ولأن الجهاد فرض على الكفاية ينوب عنه فيه غيره، وبر الوالدين فرض يتعيَّن عليه؛ لأنه لا ينوب عنه فيه غيره، ولهذا قال رجلٌ لابن عباس -رضي اللَّه عنه-: إني نذرت أن أغزو الروم، وإن أبوي منعاني، فقال: أطع أبويك، فإن الروم ستجد من يغزوها غيرك".
ومذهب الحنابلة، يُنظر: "المغني" لابن قدامة (٩/ ٢٠٨) حيث قال: " (وإذا كان أبواه مسلمين، لم يجاهد تطوعًا إلا بإذنهما)، روي نحو هذا عن عمر، وعثمان. وبه قال مالك، والأوزاعي، والثوري، والشافعي، وسائر أهل العلم".
(٢) أخرجه البخاري (٥٩٧٢) ومسلم (٢٥٤٩)، عن عبد اللَّه بن عمرٍو، قال: قال رجلٌ للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: أُجاهد؟ قال: "لك أبوان؟ "، قال: نعم، قال: "ففيهما فجاهد".

<<  <  ج: ص:  >  >>