للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (وَالأَصْلُ فِي هَذَا مَا ثَبَتَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: إِنِّي أُرِيدُ الجِهَادَ، قَالَ: "أَحَيٌّ وَالِدَاكَ؟ "، قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: "فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ" (١)).

برُّ الوالدين جهاد؛ لأن الابن الصالح التقي الذي يعرف قيمة الوالدين، ويَلْتزم بما جَاء في كتاب اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، وبما جاء عَنْ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من أقوالٍ وَوَصايا، يجد أن أمر الوالدين ليس أمرًا سهلًا، فالعناية بأمرهما وخدمتهما والقيام على شؤونهما وبرهما هذا يتطلب من الإنسان وقتًا كثيرًا، فالقيام بشُؤُونهما ليس أمرًا سهلًا، وقصة أويس القرني الذي لم يلحق برسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وبقي في الصحراء مع أُمِّه، يأتي رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- نجدًا ويوصي عمرَ بن الخطاب إنْ ظفر بأويس أن يسأله أن يدعو اللَّهَ له، وعمر بن الخطاب من المبشرين بالجنة، وينزل القرآن مؤيدًا لرأيه، ومع ذلك يوصيه رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إن الْتقَى بأويس القرني أن يطلب منه أن يدعو له؛ لأن ذلك قَضَى حياتَه، وأفنى عُمُره في خدمة أمه، فرضي اللَّه عنه، ويتحيَّن عمر -رضي اللَّه عنه- الفرصَ، وفي كل موسمٍ من مواسم الحج يسأل عن هذا الرجل الذي يقدم من اليمن، فيرشد إليه، فيطلب منه أن يدعو له، ويسأله أن ينضم إليه، فيعتذر فيعود إلى أمه كما كان (٢).


(١) أخرجه البخاري (٣٠٠٤)، ومسلم (٢٥٤٩).
(٢) أخرجه مسلم (٢٥٤٢/ ٢٢٥) عن أسير بن جابر، قال: كان عمر بن الخطاب إذا أتى عليه أمداد أهل اليمن، سألهم: أفيكم أويس بن عامر؟ حتى أتى على أويس، فقال: أنت أويس بن عامر؟ قال: نعم، قال: من مراد ثم من قرن؟ قال: نعم، قال: فكان بك برص، فبرأت منه إلا موضع درهم؟ قال: نعم، قال: لك والدة؟ قال: نعم، قال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "يأتي عليكم أويس بن عامر مع أمداد أهل اليمن، من مراد، ثم من قرن، كان به برص فبرأ منه إلا موضع درهم، له والدة هو بها برٌّ، لو أقسم على اللَّه لأبره، فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل"، فاستغفر لي، فاستغفر له. الحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>