للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكعبة إلا ذو السويقتين من الحبشة" (١)، وهذا في آخر الزمان كما ذكر العلماء ذلك، وهذا بين الركن والمقام، "ولن يستحلَّ البيت إلا أهله" (٢)، هذا يأتي في آخر الزمان، وأُولَئك الذين ضلَّت أقدامهم، وَجَروا خلف أوهامهم، ووقعوا فيما وقعوا فيه، ولذلك يقول رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ يرد اللَّه به خيرًا، يفقهه في الدِّين" (٣).

ولهذا، نجد أن الفقهاء -رضي اللَّه عنهم-، علماء هذا الدِّين، وسلفنا الصالح ومنهم الأئمة الأربعة ما اقتصروا على آيات القرآن والأحاديث، بل أفنوا أعمَارهم، وأمضوا أوقاتهم يَسْتخرجون الأحكامَ من كتاب اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، ومن سُنَّة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-.

ولهذا، في قصة أبي حنيفة رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، لماذا تحول من علم الكلام إلى علم الفقه؟ (٤) لعدة أسباب، منها:

١ - وجد الخوض قد صدر في ذلك المقام، مع أن أبا حنيفة رَحِمَهُ اللَّهُ كان له باعٌ في هذا المقام، وكان يذهب من الكوفة إلى البصرة كل عام لينازل (٥) فرق المعتزلة، ويدافع عن عقيدة التوحيد، ثم نجده بعد ذلك تحول إلى علم الفقه.

٢ - أنه وجد أن الصحابة -رضي اللَّه عنهم- ما كانوا يكثرون الخوض في علم الكلام، فتحول إلى الفقه.


(١) أخرجه البخاري (١٥٩١)، ومسلم (٢٩٠٩).
(٢) معنى حديث أخرجه أحمد (٨١١٤) عن أبي قتادة، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يبايع لرجل بين الركن والمقام، ولن يستحل البيت إلا أهله، فإذا استحلوه فلا تسأل عن هلكة العرب، ثم تجيء الحبشة فيخربونه خرابًا لا يعمر بعده أبدًا، هم الذين يستخرجون كنزه"، وصححه الأرناؤوط.
(٣) أخرجه البخاري (٧١)، ومسلم (١٠٣٧).
(٤) انظر هذه القصة بطولها في: "سير أعلام النبلاء" للذهبي (٦/ ٣٩٥ - ٣٩٨).
(٥) " النزال"، بالكسر: أن ينزل الفريقان عن إبلهما إلى خيلهما، فيتضاربوا وقد تنازلوا. "القاموس المحيط" للفيروزآبادي (ص ١٠٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>