للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفَمَ فَفِيهِ الوُضُوءُ. وَلَمْ يَعْتَبِرْ أَحَدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ اليَسِيرَ مِنَ الدَّمِ إِلَّا مُجَاهِدٌ (١)، وَاعْتَبَرَ قَوْمٌ آخَرُونَ المَخْرَجَيْنِ؛ الذَّكَرَ وَالدُّبُرَ، فَقَالُوا: كُلُّ مَا خَرَجَ مِنْ هَذَيْنِ السَّبِيلَيْنِ، فَهُوَ نَاقِضٌ لِلْوُضُوءِ مِنْ أَيِّ شَيءٍ خَرَجَ مِنْ دَمٍ أَوْ حَصًى أَوْ بَلْغَمٍ، وَعَلَى أَيِّ وَجْهٍ خَرَجَ، كَانَ خُرُوجُهُ عَلَى سَبِيلِ الصِّحَّةِ، أَوْ عَلَى سَبِيلِ المَرَضِ، وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا القَوْلِ: الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ (٢)، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الحَكَمِ (٣) مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ. وَاعْتَبَرَ قَوْمٌ آخَرُونَ الخَارجَ وَالمَخْرَجَ وَصِفَةَ الخُرُوجِ، فَقَالُوا: كلُّ مَا خَرَجَ مِنَ السَّبِيلَيْنِ مِمَّا هُوَ مُعْتَادٌ خُرُوجُهُ، وَهُوَ البَوْلُ، وَالغَائِطُ، وَالمَذْيُ، وَالوَدْيُ، وَالرِّيحُ، إِذَا كَانَ خُرُوجُهُ عَلَى وَجْهِ الصِّحَّةِ، فَهُوَ يَنْقُضُ الوُضُوءَ، فَلَمْ يَرَوْا فِي الدَّمِ وَالحَصَاةِ وَالبَوْلِ وُضُوءًا، وَلَا فِي السَّلَسِ، وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا القَوْلِ مَالِكٌ وَجُلُّ أَصْحَابِهِ (٤).


(١) أخرج عبد الرزاق في "مصنفه" (٥٤٨)، عن ابن أبي نجيح قال: سألت عطاءً ومجاهدًا عن الجرح يكون في يد الإنسان، فيكون فيه دم يظهر ولا يسيل، قال مجاهد: "يتوضأ"، وقال عطاء: "حتى يسيل".
(٢) يُنظر: "مغني المحتاج" للشربيني (١/ ١٤٠)؛ حيث قال: " (خروج شيءٍ) عينًا كان أو ريحًا، طاهرًا أو نجسًا، جافًّا أو رطبًا، معتادًا كبول أو نادرًا كدم انفصل أو لا، قليلًا أو كثيرًا، طوعًا أو كرهًا (من قُبُله) أي: المتوضئ الحي الواضح، ولو بخروج الولد أو أحد ذَكَرين يبول بهما، أو أحد فرجين يبول بأحدهما، ولحيض بالآخر، فإن بال بأحدهما أو حاض به فقط، اختص الحكم به، أمَّا المشكل فإن خرج الخارج من فرجيه جميعًا، فهو محدث، وإن خرج من أحدهما، فالحكم كما لو خرج من ثقبة تحت المعدة مع انفتاح الأصلي، وسيأتي أنه لا نقض بها (أو) خروج شيءٍ من (دبره) أي: المتوضئ الحي".
(٣) يُنظر: "الجامع لمسائل المدونة" لأبي بكر الصقلي (١/ ١٤١)؛ حيث قال: "وقال
محمد بن عبد الحكم: مَنْ خرج من دبره دود نقي، أو دم صاف، فعليه الوضوء".
(٤) يُنظر: "شرح الزرقاني على مختصر خليل" (١/ ١٥٠)؛ حيث قال: " (نقض الوضوء يحدث، وهو الخارج المعتاد) من المخرج المعتاد كما سيقول من مخرجيه، إذْ هو من تتمة التعريف، وأخره ليوصل صفة الخارج به، وهي (في الصحة)، وشمل كلامه =

<<  <  ج: ص:  >  >>