للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَولُهُ: (وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمْ أَنَّهُ لَمَّا أَجْمَعَ المُسْلِمُونَ عَلَى انْتِقَاضِ الوُضُوءِ مِمَّا يَخْرُجُ مِنَ السَّبِيلَيْنِ مِنْ غَائِطٍ وَبَوْلٍ وَرِيحٍ وَمَذْيٍ لِظَاهِرِ الكِتَابِ، وَيتَظَاهُرِ الآثَارِ بِذَلِكَ. تَطَرَّقَ إِلَى ذَلِكَ ثَلَاثَةُ احْتِمَالَاتٍ؛ أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ الحُكْمُ إِنَّمَا عُلِّقَ بِأَعْيَانِ هَذِهِ الأَشْيَاءِ فَقَطْ، المُتَّفَقِ عَلَيْهَا عَلَى مَا رَآهُ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى).

أي: يمكن أن تكون علَّة الحكم هذه الأشياء بعينها، ولا يدخل معها غيرها.

قَوْلُهُ: (الاحْتِمَالُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الحُكْمُ إِنَّمَا عُلِّقَ بِهَذِهِ مِنْ جِهَةِ أَنَّهَا أَنْجَاسٌ خَارِجَةٌ مِنَ البَدَن؛ لِكَوْنِ الوُضُوءِ طَهَارَةً، وَالطَّهَارَةُ إِنَّمَا يُؤَثِّرُ فِيهَا النَّجَسُ).

أَيْ: أَنْ تكون علة الحكم خروج الأنجاس عمومًا؛ لأن الطهارة ضدها النجس.

قوله: (وَالاحْتِمَالُ الثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ الحُكْمُ أَيْضًا إِنَّمَا عُلِّقَ بِهَا مِنْ جِهَةِ أَنَّهَا خَارِجَةٌ مِنْ هَذَيْنِ السَّبِيلَيْنِ، فَيَكُونُ عَلَى هَذَيْنِ القَوْلَيْنِ الأَخِيرَيْنِ وُرُودُ الأَمْرِ بِالوُضُوءِ مِنْ تِلْكَ الأَحْدَاثِ المُجْمَعِ عَلَيْهَا إِنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ الخَاصِّ أُرِيدَ بِهِ. العَامُّ، وَيَكُونُ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ إِنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ الخَاصِّ المَحْمُولِ عَلَى خُصُوصِهِ).

أَيْ: أنْ تكونَ علَّة الحكم خروج شيءٍ من السبيلين.

قوله: (فَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ الأَمْرَ بِهَا هُوَ مِنْ بَابِ الخَاصِّ أُرِيدَ بِهِ العَامُّ، وَاخْتَلَفَا: أَيُّ عَامٍّ هُوَ الَّذِي قُصِدَ بِهِ؟ فَمَالِكٌ يُرَجِّحُ مَذْهَبَهُ بِأَنَّ الأَصْلَ هُوَ أَنْ يُحْمَلَ الخَاصُّ عَلَى خُصوصِهِ حَتَّى يَدُلَّ الدَّلِيلُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ، وَالشَّافِعِيُّ مُحْتَجٌّ بِأَنَّ المُرَادَ بِهِ المَخْرَجُ لَا الخَارِجُ بِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى إِيجَابِ الوُضُوءِ مِنَ الرِّيحِ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْ أَسْفَلَ، وَعَدَمِ إِيجَابِ

<<  <  ج: ص:  >  >>