للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأوجب - عليه الصلاة والسلام - الوضوءَ على المُسْتحاضة من دم العرق، والسائل، فكذلك كل دمٍ يسيل من الجسد، وكذلك كل نجسٍ.

قوله: (وَإِنَّمَا اتَّفَقَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ عَلَى إِيجَابِ الوُضُوءِ مِنَ الأَحْدَاثِ المُتَّفَقِ عَلَيْهَا، وَإِنْ خَرَجَتْ عَلَى جِهَةِ المَرَضِ لِأَمْرِهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالوُضُوءِ عِنْدَ كلِّ صَلَاةٍ المُسْتَحَاضَةَ، وَالاسْتِحَاضَةُ مَرَضٌ. وَأَمَّا مَالِكٌ، فَرَأَى أَنَّ المَرَضَ لَهُ هَاهُنَا تَأْثِيرٌ فِي الرُّخْصَةِ قِيَاسًا أَيْضًا مِنْ أَنَّ المُسْتَحَاضَةَ لَمْ تُؤْمَرْ إِلَّا بِالغُسْلِ فَقَطْ، وَذَلِكَ أَنَّ حَدِيتَ فَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ هَذَا مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، وَبَخْتَلِفُ فِي هَذِهِ الزِّيَادَةِ فِيهِ (أَعْنِي: الأَمْرَ بِالوُضُوءِ لِكُلِّ صَلَاةٍ)، وَلَكِنْ صَحَّحَهَا أَبُو عُمَرَ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ، قِيَاسًا عَلَى مَنْ يَغْلِبُهُ الدَّمُ مِنْ جُرْحٍ وَلَا يَنْقَطِعُ، مِثْلَ مَا رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ صَلَّى وَجُرْحُهُ يَثْعَبُ دَمًا) (١).

"يثعب دمًا"؛ أي: يجري ويتفجر.

قَوله: (المَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: اخْتَلَفَ العُلَمَاءُ فِي النَّوْمِ عَلَى ثَلَاثَةِ مَذَاهِبَ؛ فَقَوْمٌ رَأَوْا أَنَّهُ حَدَث، فَأَوْجَبُوا مِنْ قَلِيلِهِ وَكثِيرِهِ الوُضُوءَ).

اخْتلَف العُلَماءُ رحمهم الله في النوم، هل هو ناقضٌ، أو مظنَّة النقض؟

القَوْل الأوَّل: أنَّ النومَ ناقضٌ مطلقًا؛ يسير وكثيرُهُ، وعلى أي صفةٍ كان؛ لعُمُوم حديث صفوان، وقد سبق، ولأنه حدثٌ، والحدث لا يفرق بين كثيره ويسيره كالبول.


(١) أخرج مالك في "الموطإ" (١/ ٣٩): أن المسور بن مخرمة دخل على عمر بن الخطاب من الليلة التي طعن فيها، فأيقظ عمر لصلاة الصبح، فقال عُمَرُ: "نعم، ولا حظَّ في الإسلام لمَنْ ترك الصلاة"، فصلى عمرُ، وجرحه يثعب دمًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>