للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (وَقَوْمٌ رَأَوْا أَنَّهُ لَيْسَ بِحَدَثٍ، فَلَمْ يُوجِبُوا مِنْهُ الوُضُوءَ إِلَّا إِذَا تُيُقِّنَ بِالحَدَثِ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ لَا يَعْتَبِرُ الشَّكَّ، وَإِذَا شَكَّ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَعْتَبِرُ الشَّكَّ حَتَّى إِنَّ بَعْضَ السَّلَفِ كَانَ يُوكِلُ بِنَفْسِهِ إِذَا نَامَ مَنْ يَتَفَقَّدُ حَالَهُ، (أَعْنِي: هَلْ يَكُونُ مِنْهُ حَدَثٌ أَمْ لَا؟ ".

القَوْلُ الثَّانِي: "أنَّ النومَ ليس بِنَاقضٍ مطلقًا؛ لحديث أنسٍ - رضي الله عنه - أن الصَّحابةَ - رضي الله عنهم - كانوا يَنْتظرون العشاء علىَ عهد رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - حتى تخفق رؤوسهم، ثم يصلون ولا يَتوضَّؤون".

قوله: (وَقَوْمٌ فَرَّقُوا بَيْنَ النَّوْمِ القَلِيلِ الخَفِيفِ، وَالكَثِيرِ المُسْتَثْقِلِ، فَأَوْجَبُوا فِي الكَثِيرِ المُسْتَثْقِلِ الوُضُوءَ دُونَ القَلِيلِ، وَعَلَى هَذَا فُقَهَاءُ الأَمْصَارِ وَالجُمْهُورُ).

القول الثالث: أن النَّوم ليس بحدثٍ، ولكنه مظنَّة الحدث، ولا يُعْفى عن شيءٍ منه إلا ما كان بعيدًا فيه الحدث، وهو يسير النوم من القاعد أو القائم.

قوله: (وَلَمَّا كَانَتْ بَعْضُ الهَيْئَاتِ يَعْرِضُ فِيهَا الاسْتِثْقَال مِنَ النَّوْمِ أَكْثَرَ مِنْ بَعْضٍ، وَكَذَلِكَ خُرُوجُ الحَدَثِ، اخْتَلَفَ الفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ مَالِكٌ (١): مَنْ نَامَ مُضْطَجِعًا أَوْ سَاجِدًا، فَعَلَيْهِ الوُضُوءُ، طَوِيلًا كَانَ النَّوْمُ أَوْ قَصِيرًا. وَمَنْ نَامَ جَالِسًا، فَلَا وُضُوءَ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَطُولَ ذَلِكَ بِهِ. وَاخْتَلَفَ القَوْلُ فِي مَذْهَبِهِ فِي القَائِمِ، فَمَرَّةً قَالَ: حُكْمُهُ حُكْمُ الرَّاكعِ، وَمَرَّةً قَالَ: حُكْمُهُ حُكْمُ السَّاجِدِ. وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَقَالَ (٢): عَلَى كُلِّ نَائِمٍ


(١) يُنظر: "مواهب الجليل" للحطاب (١/ ٢٩٤)؛ حيث قال: "ومن نام جالسًا أو راكبًا الخطوة ونحوها، فلا وضوء عليه، وإن استثقل نومه وطال ذلك، فعليه الوضوء".
(٢) يُنظر: "الأم" للشافعي (١/ ٢٦)؛ حيث قال: "قال الله تعالى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ} [المائدة: ٦]، (قال الشافعي): فكان ظاهر إلآية أن مَنْ قام إلى الصلاة، فعليه أن يتوضأ، وكانت محتملة أن تكون نزلت في خاص، =

<<  <  ج: ص:  >  >>