(١) "المبسوط" للسرخسي (١/ ٧٨)؛ حيث قال: "ولا ينقض النوم الوضوء ما دام قائمًا، أو راكعًا، أو ساجدًا، أو قاعدًا، وينقضه مضطجعًا، أو متكئًا، أو على إحدى أليتيه)، أما نوم المضطجع ناقض للوضوء، وفيه وجهان؛ أحدهما: أن عينه حدث بالسنة المروية فيه؛ لأن كونه طاهرًا ثابت بيقين، ولا يُزَال اليقين إلا بيقين مثله، وخروج شيءٍ منه ليس بيقينٍ، فعرفنا أن عينه حدث. والثاني، وهو أن الحدث ما لا يخلو عنه النائم عادة، فيجعل كالموجود حكمًا، فإن نوم المضطجع يستحكم فتسترخي مفاصله، واليه أشار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله: "العينان وكاء السه، فإذا نامت العينان، استطلق الوكاء". وهو ثابت عادة كالمتيقن به، وكان أبو موسى الأشعري - رضي الله تعالى عنه - يقول: لا ينتقض الوضوء بالنوم مضطجعًا حتى يعلم بخروج شيءٍ منه، وكان إذا نام أجلس عنده مَنْ يحفظه، فإذا انتبه سأله، فإن أخبر بظهور شيء منه، أعاد الوضوء، والمتكئ كالمضطجع؛ لأن مقعده زائل عن الأرض، فأما القاعد إذا نام لم ينتقض وضوؤه. وقال مالك -رحمه الله -: إن طال النوم قاعدًا، انتقض وضوؤه، وحجتنا حديث حذيفة - رضي الله تعالى عنه - قال: "نمت قاعدًا في المسجد حتى وقع ذقني على صدري، فوجدت برد كفٍّ على ظهري، فإذا هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقلت: أعليَّ في هذا وضوء؟ فقال: "لا، حتى تضطجع"، ولأن مقعده مستقرٌّ على الأرض، فيأمن =