المكان، إلى مكان أنفع له وأوفر، أو أن ينتقل من مكان ضيِّق، إلى مكان أوسع، أو أن يجعل خلفه جبلًا مثلًا.
وقوله تعالى: {أَوْ مُتَحَيِّزًا (١) إِلَى فِئَةٍ}: هذا هو المخرج الثاني للمسلمين.
فللمجاهد المسلم كذلك أيضًا: أن ينتقل من صفوف هؤلاء الأعداء ويتزحزح عنها، وينحاز إلى فئة أُخرى من المسلمين؛ فيقوى بتلك الفئة، ونحو ذلك من الأُمور التي ذكرها الفقهاء، فهذا هو الشرط الثاني متمثلًا في هاتين الحالتين؛ فحينئذ يكون معذورًا.
أما مَن صبر من المؤمنين المجاهدين، واحتسب، وثبت: فإنه سينال الثواب.
وقد قال الله سُبْحانه وتعالى:{كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ}[البقرة: ٢٤٩].
ونحن نعلم كم كان عدد المؤمنين في مقابل أعداء الله عزَّ وجَّل في شتى الحروب، وفي مواقف كثيرة، وكذلك في حروب الروم، وحروب الفرس؛ فقد كانت الانتصارات تتوالى للمسلمين - بفضل الله - مع أن مع الكفار من العتاد والعدة ما يفوق الذي مع المؤمنين، ومع ذلك نصر الله سُبْحانه وتعالى المؤمنين؛ وذلك لأن الله سُبْحانه وتعالى وعدهم بنصره، ووعده تعالى حقٌّ، وذلك في أكثر من موضع في القرآن، ومن ذلك: الموضع الأول: قول الله سُبْحانه وتعالى: { … وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (٤٠) الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (٤١)} [الحج: ٤٠ - ٤١].
الموضع الثاني: وقال الله عزَّ وجلَّ: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ}[غافر: ٥١].