ما وصلت إليه الآن مما لا يخفى على أحد!، فالعدو كان يطوق عاصمة المسلمين، مع اختلافهم فيما بينهم، مع أن الله سُبْحانه وتعالى قد حذَّرهم من الخلاف بقوله: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (١٠٥)} [آل عمران: ١٠٥]. وبقوله عزَّ وجلَّ:{فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ}[النساء: ٥٩].
فالخلاف: هو السبب الرئيسي الذي يضعف الدولة الإسلامية.
وقد نهى الله سُبْحانه وتعالى المؤمنين عن العودة إلى الحالة التي كانوا عليها قبل الإسلام من الفرقة والخلاف، وذكرهها بنعمته عليه فقال:{وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا}[آل عمران: ١٠٣].
فتلك: هي نقطة الضعف الخطيرة، فعندما يختلف المسلمون: تتفرق كلمتهم، وتتوزع صفوفهم، وحينئذ يطمع فيهم العدوُّ.
أما عندما يلتقي المسلمون على كتاب الله عزَّ وجلَّ، ويلتفون حول سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، ويجتمعون على كلمة سواء: فإن أعدائهم - مهما كثروا - لا يستطيعون أن يصلوا إليهم؛ لاتحاد كلمتهم، واعتصامهم بحبل الله سُبْحانه وتعالى، وبكتابه العزيز، وبسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -.
فمع أن المسلمين كانوا كثر، بالنسبة لأعدائهم، وكانوا في غاية من القوة؛ إلا أن ذلك لم يغن عنهم شيئًا، وأنزل الله بهم ما كان!.
فينبغي للمسلم دائمًا ألا تأخذه العزة بأنه أقوى من عدوه، وبأن عدده أكثر؛ بل عليه أن يطلب العزة من الله سُبْحانه وتعالى، والنصر منه، والقوة منه؛ فهو سُبْحانه وتعالى الذي يهبها للمؤمنين.