للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والله عزَّ وجلَّ لا يضيع عباده الموحدين أبدًا، ولا يتركهم فريسة لأعدائهم؛ إذا أخلصوا نيَّتهم، وصدقوا مع الله تعالى.

قوله: (إِذْ كانَتِ الجِزْيَةُ إِنَّمَا شَرْطُهَا أَنْ تُؤْخَذَ مِنْهُمْ، وَهُمْ بِحَيْثُ تَنْفُذُ عَلَيْهِمْ أَحْكَامُ المُسْلِمِينَ، وَإِمَّا بِلَا شَيْءٍ يَأْخُذُونَهُ مِنْهُمْ).

قصد المؤلف رَحِمه الله بذلك: أنه يجوز للإمام، أن يعقد هدنة مع أعدائه؛ إذا رأى في ذلك مصلحة للمسلمين، إما بعوض يأخذه منهم مقابل ذلك، كأن يدفعوا للمسلمين شيئًا من المال أو من الثمر أو غيرهما، أو تكون الهدنة بلا عوض مقابلها؛ فلا يأخذ المسلمون منهم شيئًا من ذلك.

قوله: (وَكَانَ الأَوْزَاعِيُّ: "يُجِيزُ أَنْ يُصَالِحَ الإِمَامُ الكُفَّارَ عَلَى شَيْءٍ، يَدْفَعُهُ المُسْلِمُونَ إِلَى الكُفَّارِ") (١).

هذا القول - في حقيقة الأمر -: ليس قول الإمام الأوزاعي وحده؛ كما سيأتي!.

فإذا خشي الإمام على المؤمنين، أن يفتك بهم أعداؤهم، أو يستأصلوهم، ففي هذه الحالة: يجوز أن يدفع لهم مقابل تخليص أرواح المؤمنين.

فالأصل في ذلك: هو الحرص على قيام هذا الدِّين.

قال المصنف رحمه الله تعالى: (إِذَا دَعَتْ إِلَى ذَلِكَ ضَرُورَةُ (٢) فِتْنَةٍ، [أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ، مِنَ الضَّرُورَاتِ (٣)]).


(١) يُنظر: "الأوسط" لابن المنذر (٦/ ٣٥٨) حيث قال: وسئل الأوزاعي، عن موادعة إمام المسلمين أهل الحرب على فدية أو هدية يؤديها المسلمون إليهم، قال: لا يصلح ذلك إلا عن ضرورة، وشغل من المسلمين عن حربهم عن قتال عدوهم، أو فتنة شملت المسلمين، فإذا كان ذلك فلا بأس.
(٢) هذا الضبط من عندي، وقد وردتني الجملة في هذا الملف هكذا (ضَرُورَةٌ فِتْنَةٌ)! ولا معنى له فليحرر.
(٣) ما بين المعقوفتين مستدرك من "بداية المجتهد" ط. دار المعرفة.

<<  <  ج: ص:  >  >>