للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا القول: قال به الإمام أحمد أيضًا (١)

ومراد المؤلف رَحِمه الله بعبارة (ضَرُورَةُ فِتْنَةٍ): كأن يصطلم (٢) الكفار - وهم في حالة قولة - بالمسلمين وهم في حالة ضعف، ويخشى الإمام من استئصالهم للمسلمين، وفتنتهم عن دينهم.

قوله: ([وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: "لَا يُعْطِي المُسْلِمُونَ الكُفَّارَ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافُوا] (٣) أَنْ يُصْطَلَمُوا لِكَثْرَةِ العَدُوِّ وَقِلَّتِهِمْ، أَوْ لِمِحْنَةٍ نَزَلَتْ بِهِمْ") (٤).

لا شكَّ أنه ربما تنزل بالمسلمين نازلة من النوازل، ويحصل لهم مثل ما يحصل لهم الآن؛ فنحن نشاهد الآن أن كلمة المسلمين ليست مجتمعة.

ولو أن المسلمين عادوا إلى كتاب الله عزَّ وجلَّ، وإلى سنَّة رسوله - صلى الله عليه وسلم -: لعاد لهم مجدهم وعزَّتهم، وكانت لهم المكانة الكبيرة بين الأمم.

وقد رأينا أن الدولة التي تطبق شريعة الله سُبْحانه وتعالى، وتعمل بها: تعيش في خير وسعا دة، وتنعم بالرفاهية، والأمن، والاستقرار.

أما تلك الدول التي تُحكِّم آراء البشر وقوانينهم: فقد رأينا ما هم فيه من ضيق الحال، وما نزل بهم من الخوف والهلع، وغير ذلك من الأمور الكثيرة التي تحصل في مثل هذه المجتمعات.


(١) يُنظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (١/ ٦٥٥)، حيث قال: " (ولا تصح) الهدنة (إلا حيث جاز تأخير الجهاد) لنحو ضعف بالمسلمين أو مانع بالطريق (فمتى رآها الإمام مصلحة ولو بمال منا ضرورة) كخوفه على المسلمين هلاكًا أو أسرًا".
(٢) "الاصطلام": افتعال، من الصلم: القطع. واصطلم القوم: أبيدوا من أصلهم. انظر: "النهاية" لابن الأثير (٣/ ٤٩)، و"تاج العروس" للزبيدي (٣٢/ ٥٠٩).
(٣) ما بين المعقوفتين مستدرك من "بداية المجتهد" ط. دار المعرفة.
(٤) يُنظر: "تحفة المحتاج" للهيتمي (٩/ ٣٠٦)، حيث قال: "إن اضطررنا لبذل مال لفداء أسرى يعذبونهم، أو لإحاطتهم بنا، وخوف استئصالنا وجب بذله".

<<  <  ج: ص:  >  >>