للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولعلَّ سبب التباين بين هذه الأقوال الأربعة:

أنَّ كفار قريش خانوا العهد الذي كان بينهم وبين المسلمين، ونقضوا أيمانهم كما نعلم: فانقطعت المدة المتفق عليها في العقد، وصارت المدة الفعلية: أقل من عشر سنوات؛ فهذا هو تفسير هذا الاختلاف للعلماء في مدة الصلح.

فمن قال: (عشر سنوات) نظر للمدَّة المتفق عليها في العقد.

ومن قال: (سنتين، أو ثلاث سنوات، أو أربع سنوات) نظر للمدَّة الفعلية.

وأما سبب ذلك: فنحن نعلم أنه قد حصل خلاف، بين قبيلة خزاعة، وقبيلة بكر، وقد كانت قبيلة خزاعة حليفة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وللمؤمنين، وكانت قبيلة بكر: حليفة لكفار قرش.

فانحازت قريش لقبيلة بكر، وأعانها بعض كفار قريش، وسكت الباقون منهم، والساكت إنما هو مقرّ.

فوجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ذلك نقضًا من قريش للعهد؛ فحينئذ توجَّه لفتح مكَّة، - الفتح المشهور - الذي قال الله سُبْحانه وتعالى عنه: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (١) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (٢)} [النصر: ١ - ٢].

قوله: (وَأَمَّا مَنْ أَجَازَ أَنْ يُصَالِحَ المُسْلِمُونَ المُشْرِكِينَ: بِأَنْ يُعْطُوا لَهُمُ المُسْلِمُونَ شَيْئًا).

هنا ينتقل المؤلف رَحِمه الله بعد كلامه السابق عن مطلق الصلح، إلى الحديث عن الصلح مع المشركين بعوض يدفعه المُسْلِمُونَ.

فالصلح أنواع ثلاثة:

النوع الأول: صلح بغير بعوض من الطرفين (المسلمين، والكفار).

النوع الثاني: صلح بعوض، يقدمه الكفار للمسلمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>