أنَّ كفار قريش خانوا العهد الذي كان بينهم وبين المسلمين، ونقضوا أيمانهم كما نعلم: فانقطعت المدة المتفق عليها في العقد، وصارت المدة الفعلية: أقل من عشر سنوات؛ فهذا هو تفسير هذا الاختلاف للعلماء في مدة الصلح.
فمن قال:(عشر سنوات) نظر للمدَّة المتفق عليها في العقد.
ومن قال:(سنتين، أو ثلاث سنوات، أو أربع سنوات) نظر للمدَّة الفعلية.
وأما سبب ذلك: فنحن نعلم أنه قد حصل خلاف، بين قبيلة خزاعة، وقبيلة بكر، وقد كانت قبيلة خزاعة حليفة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وللمؤمنين، وكانت قبيلة بكر: حليفة لكفار قرش.
فانحازت قريش لقبيلة بكر، وأعانها بعض كفار قريش، وسكت الباقون منهم، والساكت إنما هو مقرّ.
فوجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ذلك نقضًا من قريش للعهد؛ فحينئذ توجَّه لفتح مكَّة، - الفتح المشهور - الذي قال الله سُبْحانه وتعالى عنه: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (١) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (٢)} [النصر: ١ - ٢].