للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النوع الثالث: صلح بعوض، يقدمه المسلمون للكفار.

فكلام المؤلف رَحِمه الله هذا عن النوع الثالث.

قوله: (إِذَا دَعَتْ إِلَى ذَلِكَ ضَرُورَةُ فِتْنَةٍ (١)، أَوْ غَيْرُهَا؛ فَمَصِيرًا إِلَى مَا رُوِيَ: "أَنَّهُ كَانَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - "قَدْ هَمَّ أَنْ يُعْطِيَ بَعْضَ تَمْرِ المَدِينَةِ لِبَعْضِ الكُفَّارِ الَّذِينَ كَانُوا فِي جُمْلَةِ الأَحْزَابِ" (٢)).

هذه المسألة من المسائل المهمة.

وسيتبين لنا منها: كيف كان موقف أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ وكيف كانت استجابتهم لما ينزل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الوحي، سواء كان ذلك في كتاب الله عزَّ وجلَّ، أو في سُنَّة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟

فقد ورد في ذلك روايتان:

الرواية الأولى: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرسل إلى عيينة بن حصن - وهو رجل معلوم كان زعيم قبيلة -؛ يعرض عليه ثلث تمر الأنصار ويرجع بقومه.

وأصل القصة: أن يهود بني النضير، لما أجلاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، من المدينة النبوية، إلى أرض خيبر؛ بسبب غدرهم وخيانتهم، لم يقفوا عند ذلك الغدر وتلك الخيانة! - وهذا هو شأن اليهود كما نعلم -.

فقد ذهب زعيمهم إلى كفار قريش، وأخذ يحرِّضهم على قتال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلى قتال المؤمنين في المدينة النبوية، وبعدهم بالنصر، وبالإعانة؛ حتى استطاع أن يؤثِّر فيهم، فاستجابوا له.

ثم انتقل زعيم يهود هذا، بعد ذلك إلى قبيلة أُخرى؛ ففعل معهم ما


(١) هذا الضبط من عندي، وقد وردتني الجملة في هذا الملف هكذا: (ضَرُورَةٌ فِتْنَةٌ)! ولا معنى له؛ فليحرر.
(٢) سيأتي تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>