للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهؤلاء هم الذين أشار الله سُبْحانه وتعالى إليهم بقوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (٩) إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا (١٠) هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا (١١)} [الأحزاب: ٩ - ١١].

إلى آخر الآيات التي تعرض لذلك، والكلام عن ذلك يطول.

ومحلُّ الشاهد الذي نحتاج إليه هنا في هذا المقام: هو أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث إلى عيينة بن حصن - وهو زعيم قومه - كما جاء في بعض الروايات: "يعرض عليه ثلث تمر الأنصار؛ مقابل أن يرجع بقومه وأن يخرج الأحزاب؟ فأبى ذلك، واشترط أن يعطيه رسول الله ووخص نصف ذلك التمر، فما كان من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا أن استشار: سعد بن عبادة، وسعد بن معاذ؟ فأبوا ذلك" (١).

وفي رواية أُخرى: أن زعيمًا من زعماء الكفار ممن كانوا مع الأحزاب، أرسل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يطلب منه نصف تمر المدينة، مقابل أن يخرج عن الأحزاب؟ فما كان من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا أن قال: "حتى أسأل السعود") (٢).


(١) أخرجه ابن سعد في "الطبقات" (٢/ ٧٣) عن أبي المسيب قال: لما كان يوم الأحزاب حصر النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه بضع عشرة ليلة حتى خلص إلى كل امرئ منهم الكرب وحتى قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم إني أنشدك عهدك ووعدك، اللهم إنك إن تشأ لا تعبد". فبينا هم على ذلك أرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى عيينة بن حصن بن بدر: "أرأيت إن جعلت لكم ثلث ثمر الأنصار أترجع بمن معك من غطفان وتخذل بين الأحزاب؟ " فأرسل إليه عيينة: إن جعلت لي الشطر فعلت. فأرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى سعد بن عبادة وسعد بن معاذ فأخبرهما بذلك فقالا: إن كنت أمرت بشيء فامض لأمر الله، قال: "لو كنت أمرت بشيء ما أستأمر بكما، ولكن هذا رأي أعرضه عليكما"، قالا: فإنا نرى أن لا نعطيهم إلا السيف.
(٢) أخرجه البزار في "مسنده" (١٤/ ٣٣٧) عن أبي هريرة، قال: جاء الحارث الغطفاني إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا محمد ناصفنا تمر المدينة وإلا ملأناها عليك خيلًا=

<<  <  ج: ص:  >  >>