للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكلُّ ذَلكَ لا يجوز، والمسألة فيها تفصيلٌ بين العلماء:

فجمهور العلماء يمنعون السفر به إلى أرض العدوِّ مطلقًا (١)، ولا يفرِّقون بين أن يكون مَنْ يَصْحب الكتاب العزيز جمع غفير من المسلمين، وبين أن يكونوا قلة، سواء كانوا سرية أو أفرادًا.

ومن العلماء: مَنْ فرَّق بين القليل والكثير؛ فقالوا: إن كان المسلمون كُثُرًا، بحيث يُؤمَن على المصحف معهم، فلا مانع من السفر به إلى أرض العدو.

وكلُّ ما قاله العلماء في ذلك - وبخاصة الجمهور - فإنما قصدوا من ورائه الحفاظ على ذلك الكتاب، وصيانته من أن تعبث به، وتناله أيدي الكفار.

بل إن العلماء تكلَّموا أيضًا في تعريفه لغير المسلمين، فكثير منهم يمنع ذلك؛ لأن القرآن لا ينبغي أن يُعَلَّم إلا لأهل القرآن.

ونحن نعلم مكانة تعلُّم القرآن وتعليمه؛ فقد حَثَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على تعلُّمِهِ وتعليمِهِ، ويكفي في ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: "خَيْرُكم مَنْ تَعلَّم القُرْآنَ وَعَلَمه" (٢).

وما هَذِهِ العُلُوم التى نَدْرسها: من الفقه، وكذلك أيضًا مسائل العقيدة، وغيرها إلَّا ونجد أُصُولها في كتاب الله عزَّ وجلَّ، وفيما صحَّ من سُنَّة رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -.


= يقولون بهذا لا يرون بأسا ببيعها وشرائها ومن الناس من لا يرى بشرائها بأسًا، ونحن نكره بيعها".
ومذهب الحنابلة، يُنظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (٢/ ٩)، حيث قال: " (وحرم بيع مصحف)، وفي رواية: يكره، وفي رواية أخرى: يباح مطلقًا، لما فيه من ابتذاله وترك تعظيمه ويصح بيعه لمسلم (ولا يصح) بيعه (لكافر)؛ لأنه ممنوع من استدامة الملك عليه فتملكه أولى"، وانظر: "المغني" لابن قدامة (٤/ ١٩٨).
(١) سيأتي.
(٢) أخرجه البخاري (٥٠٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>