للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمَن فرَّق بين التاجر والأجير، وبين المقاتل في إغنائهم في المعركة، وسدّهم في باب الققال: اسْتَثْنَاهُمْ مِنْ العُمُوم الوارد في الآية الكريمة؛ وهي قَوْل الله سبحانه وتَعَالَى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: ٤١].

وخصَّها بالقياس الذي يوجب الفرق بينهم، وبين المقاتل الحقيقي، وبالتالي: فرق بين الطرفين في مقدار ما يستحقّه كلّ منهم من الغنيمة.

* قوله: (وَمَنْ رَأَى أَنَّ العُمُومَ أَقْوَى مِنْ هَذَا القِيَاسِ، أَجْرَى العُمُومَ عَلَى ظَاهِرِهِ).

ومن لمِ يخصِّص هذه الآية الكريمة؛ وهي قَوْل الله سبحانه وتَعَالَى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: ٤١]: بهذا القياس، ورأى أنها على عمومها: ساوى بين الطرفين، في مقدار ما يستحقه كل منهم من الغنيمة.

* قوله: (وَمِنْ حُجَّةِ مَنِ اسْتَثْنَاهُمْ: مَا خَرَّجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ (١): "أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، قَالَ لِرَجُلٍ مِنْ فُقَرَاءِ المُهَاجِرِينَ: أَنْ يَخْرُجَ مَعَهُمْ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، فَوَعَدَه، فَلَمَّا حَضَرَ الخُرُوج، دَعَاه، فَأَبَى أَنْ يَخْرُجَ مَعَه، وَاعْتَذَرَ لَهُ بِأَمْرِ عِيَالِهِ، وَأَهْلِهِ؛ فَأَعْطَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ ثَلَاثَةَ دَنَانِيرَ عَلَى أَنْ يَخْرُجَ مَعَه، فَلَمَّا هَزَمُوا العَدُوَّ، سَأَلَ الرَّجُلُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ نَصِيبَهُ مِنَ المَغْنَمِ؟ فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: سَأَذْكُرُ أَمْرَكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَذَكَرَهُ لَهُ؟ "، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "تِلْكَ الثَّلَاثَةُ دَنَانِيرَ حَظُّهُ وَنَصِيبُهُ مِنْ غَزْوِهِ فِي أَمْرِ دُنْيَاهُ وَآخِرَتِهِ").

يذكر المؤلف رحمه الله هنا: أحد أدلة مَن استثنى التاجر والأجير، مِن


(١) أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (٥/ ٢٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>