للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا لأن الشاب إذا لازم أهل الخير والصلاح فلا شك أنه سيتأثر بهم، فالبيئة التي يعيش الإنسان في كنفها (١) لا بدَّ أن تؤثِّر فيه، ولذلك ينبغي على المسلم أن يكون هذا شأنه دائمًا، وأن يحرص على ملازمة أبنائه للصالحين، وحينئذٍ يَصلُحُ الابنُ ويستقيم، ويُؤجَر الأب على صنيعه بولده، كما قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ}.

* قوله: (وَحَدِيثُ ابْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ: "كُنَّا نُصِيبُ فِي مَغَازِينَا العَسَلَ وَالعِنَبَ فَنَأْكُلُه، وَلَا نَدْفَعُهُ"، خَرَّجَهُ أَيْضًا البُخَارِيُّ (٢)).

وهذه روايةٌ أُخرى للحديث، فالرواية التي ذكرناها جاء فيها أنهم أصابوا يوم خيبر طعامًا، فكان أحدهم يأخذ منه وينصرف (٣)، أي: يأخذ منه قدر حاجته ولا يزيد عن ذلك.

* قوله: (وَاخْتَلَفُوا فِي عُقُوبَةِ الغَالِّ).

ولا شكَّ أن هذا الغالَّ إنما هو معتدٍ وآثمٌ بسبب ما أَكَلَهُ من مال الناس بالباطل، وقد قال الله سبحانه وتعالى: {وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}، وقال تعالى أيضًا: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ}.

أمَّا من يدَّعي أن الآخذ من الغنيمة ليس عليه شيءٌ، ويتعلل بأن بيت المال فيه حقٌّ لجميع المسلمين، فإن قوله هذا لا يُنظَر إليه ولا يُحتَجُّ به، بل إنه من الشُّبَه الباطلة ليس إلا.

فهذا الحق الذي يدَّعِيه إنما هو راجع إلى نظر الإمام وتصرُّفه، فالإمام هو الذي يَنظُر في المصلحة العامَّة، فيُعطِي المحتاجين.


(١) كنفت الشيء أكنفه، أي: حطته وصنته. وأكنفته، أي: أعنته. والمكانفة: المعاونة. والكنف بالتحريك: الجانب. انظر: "الصحاح" للجوهري (٤/ ١٤٢٤).
(٢) أخرجه البخاري (٣١٥٤).
(٣) تقدَّم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>